هذا العالم قصة قصيرة
17 فبراير 2020
اشترت لي المعلمة "مجلة العربي"، كانت مجلة للكبار لكنني فرحت بها كثيرا، وقرأتها كلّها، فهمت منها ما فهمت، واستمتعت بصورها الجميلة، وحين التحقت آخر تلك السنة بالمعهد الثانوي، صارت مجلة العربي النجمة التي أنتظر اطلالتها كل شهر في مكتبة "السلامي" المكتبة الوحيدة في مدينة النفيضة التي تبيع المجلات، وحرب الخليج أيامها كانت ترجمتها لي أنا الصبيّ الصغير هي أنّ مجلّة العربي توقفت عن الوصول إلى مدينتي الساحلية الصغيرة، لم أكن أعرف عن الحرب شيئا، لا أقرأ جرائد، ولا تلفاز في مبيتنا الثانوي الذي كان يشبه المعتقل.
“في صباح ممطر” قصة قصيرة للكاتب الكويتي محمد الشارخ
لا يحب المومسات ولا الأجنبيات. تخصصه بنت البلد، لم يفشِ لنا أبداً اسم واحدة ممن يعرفهن ولا مواصفاتهن. ولا نعرف كيف يجدهن. عارف بالعيون، بكلام العيون بكل أنواعه. هوايته كمال الأجسام والسباحة وقنص الغزلان مع والده في براري إيران وجنوب الجزائر. يتعطر من ديور وأحياناً بالعود. وبحسن أسلوبه وشهامته وكرمه الواسع يعرف جيداً التعامل مع موظفي الحكومة كبيرهم وصغيرهم كما الفتيات.
“البحر والفراشة” قصة للكاتبة الكورية كيم إن – سووك: ترجمة عن...
وفي فترة ما، شعرت أنا نفسي بأنني أصدق قصّتي. وفي الأيام الأخيرة، وقبل أن أغادر، كدت أنسى الفرق الكبير بيني وبين زوجي. ووجدت نفسي قلقة كيف سيتدبّر أموره بدوننا. فلعلي كنت سأتخلى عن الخطة بذريعة الإذعان لرغباته، لو أنه قال: "لا تذهبي" أو "هل عليك حقاً أن تذهبي؟" ربما... لكن كان كلّ ما قاله: "لماذا الصين؟"
نطق هذه الكلمات، لكن لم تكن في صوته نبرة استفهام، وكان من الواضح لي أنه لم يكن يتوقّع رداً.
“قمر على البوابة” قصة قصيرة للكاتب النرويجي بير بيترسون، ترجمة علي...
أتوق إلى هذا عندما أشعر بالقرف من نفسي، ومن وجهي الذي أراه في المرآة، ومن الكلمات التي أرصّع بها شاشة الحياة، ومن مذاق الغثيان المعدني الذي استشعره في فمي وأنا أستعرض نفسي كل يوم على مسرح أيامي المتكررة حينما تصبح العلاقة المتكافئة بيني وبين نفسي ليس واحداً مع واحد يساوي إثنان بل واحداً زائد واحد يساوي واحداً؛ وحين يرتبك التكافؤ هكذا يغمرني شعور طاغ بالتقزز واحتقار الذات
“وثنية في دير وثني” قصة للكاتبة اليابانية يوكو تاوادا
5 سبتمبر 2019
رغم أن كلمة “ناسكة” لها رفعتها، إلا أنها بدت لذائقتي جافة وباردة جدا. لم تكن تناسب المرح واليقظة والعاطفة النسوية والفكاهة التي تمتعتُ بها في الدير. وعلى العكس تفتح كلمة “راهبة” الناضجة حقل مشاركة واسعا، لكن النساء في ديري لم يكن بالتأكيد راهبات. وهكذا كان علي أن أتخلى عن هذه الكلمة. أستخدم في السر في يومياتي كلمة “سيدة الدير” التي لم أجدها في قاموسي.
“إمرأة من ورق” قصة للكاتب الياباني تومويوكي هوشينو
بينما كنتُ أعاين محل الشاي الذي اتفقنا على أن نلتقي فيه، عرفتها من نظرة واحدة، قائلاً لنفسي، “آه، لا بد وأن تكون هي" كانت شاحبة كما لو كانت المرأة التي في القصة وقد بُعثت إلى الحياة؛ شعرها القصير مصبوغ بلون فضي جميل. تبين بالطبع أن نظامها الغذائي لا يقتصر على الورق، فقد أتت بنهم واستمتاع على قطع الكعك المدهونة بمربى البرتقال وشاي الدارجيلنغ
“حانة المشرق” قصة قصيرة للكاتب العراقي أزهر جرجيس
ذات يوم فقدتُ ظلّي. لا أدري كيف حصل ذلك، لكنّي حين التفتّ إلى الوراء لم أرَ لي ظلّاً قط. كنت أجوب شوارع المدينة متسكعاً بلا ظل، مع بقعة دم كبيرة على معطفي. لا أدري من أين جاءت، لكن المدينة بدت مهجورةً ذاك المساء الكانوني البارد. كان زجاج الحانات متناثراً على الأرصفة، والطرقات خالية إلا من القطط والكلاب السائبة!
“الفودكا” نص يغيني غريشكوفيتس، ترجمة عن الروسية: ضيف الله مراد
شربوا القدح الأول بخوف وخصوصاً البنات. حتى أنني أضطررت لتشجيعهم بالهتاف. قرّب الكثيرون الأقداح من شفاههم خائفين أن تلسعهم. أما من ناحيتي فقد كنت مصمماً على أن يشربوا الأقداح دفعة واحدة ويمزمزوا فوراً. وهذا ما فعلوه. لو رأيتم وجوههم! التعبير الأهم الذي ارتسم على وجوههم كان الدهشة! الدهشة، لأنهم فعلوا ذلك ولم يموتوا، ولم يقع لهم مكروه. وكان التعبير الثاني لوجوههم: أو، مون ديو! (يا إلهي) هذا لذيذ جداً!
“نبيذ أحمر” قصة قصيرة للكاتبة التونسية آمال مختار
فتحت النافذة .كان ضوء الصباح قد بدأ يتسلل ليبدد عتمة الليلة الطويلة التي قضيتها هناك دون أن أنتبه وقد دخلت بنية الأستحمام . فتحت ماء الدش ووقفت تحته أفرك جسدي الملوث بأدران سنوات من الخنوع والاغتصاب الليلي لرجل كان يبدو لي وهو فوقي مثل وزغة تسحل على جدار بارد مثل الصقيع .أشتهي خلال تلك اللّحظات أن أمرسها تحت قدمي وأمضي سعيدة بجريمتي ضد حقوق الحيوانات
“حينما حضر المرض الى منزلنا” قصة قصيرة للكاتبة الهندية شوبها دي...
مرت عدة سنوات ومع ذلك كلما أسمع جرس الباب يدق بطريقة معينة أظن فيها أنه شانكر عند الباب. موته غير المتوقع والحزين، والطريقة التي توفي بها هزتني بعمق. على الرغم من أنهم كانوا يمثلون جزءًا حميمياً وأساسياً في حياتنا، كم هو قليل حقاً ما نعرفه عن أنُاس يعملون لدينا! عندما تحل المأساة، حينها نعتبر وجودهم وخدماتهم تماماً من المسلمات ونأخذهم حين ذلك على محمل الجد. أخذ موت شانكر مدة طويلة من الوقت بالنسبة لي لأكتشفه كأنسان
“البذور الشريرة” قصة قصيرة للكاتب الياباني ماساتسوغو أونو: ترجمة خالد الجبيلي
عندما كانت تشيوكو تشعر بأن الزهور قادمة، كان يخطر لها تايكو. وعندما تتذكر أنه ذهب، يرتجف جسدها.
تايكو، تايكو. كان هذا هو الاسم الذي أطلقه أهل القرية على الابن الوحيد لأسرة واتانابي والذي كان اسمه الحقيقي ماساكيمي. وكأن القرويين يكتبون فوق أحرف اسمه التي لم يتمكنوا من قراءتها جيداً، ثم يمحونها وكأنهم لم يرتكبوا أي خطأ أساساً. أما الآن، فلم تتمكن حتى تشيوكو من تذكر الأحرف التي تقبع تحت اسم تايكو.
نصان من كتاب جديد للكاتبة الفلسطينية ليانة بدر
والجنود يكسرون خزانات الماء. يُطيحون بخيام البدو المصنوعة من الخيش. يُشتّتون القطعان في البرية، ويدكّون قواطعهم الخشبية التي تحفظ الماشية أمينةً بداخلها. الفتية المجانين وساكنو المستعمرات يُريدونها. وهم يظنون أنهم سوف يأخذون كلّ شيءٍ إلى الأبد. يأخذون الهواء من أصحابه ونباتاته وحيواناته ونجومه وأهله وأشواكه وأشجار الأثل والسدر والبطم والزعرور والدوم والشوك الأبيض.
“‘إنترميسّو” قصة قصيرة للكاتب النرويجي شيل آسكيلدسن ترجمة كامل السعدون
"اللعنة أيمكن أن أمكث في مستنقع الكذب حتى أتعفن" فكر بصوت خافت. تسرب الهدوء ثانية الى نفسه.. لا بأس سأنتظر وأرى ما يكون ردها هذه المرة. "كُنت أعرف في داخلي أن الحقيقة يجب أن تقال يوما، نعم، أدركت هذا، لأنه في الأساس، في صميم روحي كنت أريد الحقيقة، لكي أستريح، في كل مرة كنت فيها أكذب، كنت أندم.. يتملكني حزنٌ وخوف وخواء في داخلي.
قصائد للشاعر الإسباني دانييل رودريغيث مويا ترجمة خالد الريسوني
أنا لا أعرف لِمَاذَا تَبْدُو اللَّيَالِي مُنْذُ حُزَيْرانَ / كمَا لوْ أنَّهَا تُذَكِّرُنا بقاعَاتِ الانْتِظارِ،/ أرَاضِي العُبُورِ، سَرِيرُ نُزْلٍ عَلَى الطَّرِيقِ/ خَرِبٍ قلِيلاً بِسَبَبِ الحُبِّ المُخْتَلَسِ./ يُثْقِلُ عَلَيَّ الهَوَاءُ الكَثِيفُ لِلإقامَةِ/ الَّتِي كَانَتِ المَأوَى الوُدِيَّ لِألَاعِيبِي،/ أحْلامُ الأنَا الأُخْرَى الَّتِي تَبْدُو الآنَ/ اللُّعْبَةً المُلْغِزَةَ الَّتِي فِي حُضْنِ الدُّولابِ/ تَتَبَدَّى فَقَطْ قِطَعاً بِلا تَرْتِيبٍ ظَاهِرٍ.
“نمط حياة” قصة للكاتبة الأميركية كريستين سنيد، ترجمة عن الانكليزية مصطفى...
من البداية كانت هناك فرصة لالتقاط الأنفاس، حيث الإحساس بالعار من جهة، والشّعور بمتعة مذهلة من جهة أخرى، كان بعيدا عن الشّباب، مع جسد وسيم لكنه متراخٍ. صدره وبطنه مثيران منذ أن بدا لها بعد اتصالهما أنّه قويّ وثابت، كان تريد أن تسأل كم امرأة لامست هذا الجسد؟ فتنتها بسعادة غامرة فكرة أنّه ربما ضاجع مئة امرأة أو أكثر. في ستين عاما، مئة أمرأة ليست كثيرة جدا، إذا كان بدأ نشاطه الجنسي مبكراً، هذا يعني ربما اثنتان أو ثلاثة في السّنة، وهذا غير طبيعي خاصة فيما يتعلق بالعلاقة الجنسية الحميمة. فالتّنوع فضيلة في سيرورة الإنسان وخبراته،
“الياسمين الشائك” قصة قصيرة للكاتبة المصرية عزة رشاد
تحير أبي ثم أفضى بهمه إلى رجل طيب كان مسافراً إلى بلد كان يصعب على ماما تذكر اسمه في كل المرات التي تعيد فيها علينا، بانشراح، هذه الحكاية، حيث عاد الرجل الطيب بقفص مانجو هندي مازالت هي ممتنة لحلاوتها باعتبارها السبب الرئيسي في جمال مولودتها، واعترافاً بهذا الفضل اختارت لبِكريتها اسم "هند". هند، أو "مانجايتي"، كما تناديها ماما، أجمل وأكثر سحراً من فاتنات مجلات الأزياء النسائية الشهيرة، وهذا ما جعل خطابها.. يصطفون على الباب.
ياسر عبد اللطيف عن علاء الديب – شجرة كافور باسقة في...
لكنّ علاء لن ينسجم طويلًا مع العمل السري، وسرعان ما سينسحب من التنظيم. وفي نهج المهنة والسياسة لن يتبع ثورة إبراهيم وغالب وتمردهما الدائم، وسيكون أكثر إخلاصًا لنموذج بدر الديب. لكن متخففًا في الأدب من نخبوية شقيقه الثقيلة بفضل ممارسته للكتابة الصحفية في أرقي صورها، وبفضل المؤثرات الجديدة التي طبعت توجهات جيل الستينيات الأدبي
“قلب طيب” قصة قصيرة للكاتبة النرويجية كارين سفين ترجمة علي سالم
تؤمن اولغا بيرغ بالناس العاديين وبرب للناس وتغني في شتى المناسبات الاجتماعية؛ جميع الحاضرين يطالبونها دائماً أن تغني وهي تستمتع بذلك وتحب أن يطلبوا منها ذلك. في منزل الصلوات وفي القاعة العامة وحتى مرة في اجتماع للاضراب في السوق. وكان ذلك عندما تعرضت الخياطات في المدينة إلى التهديد بالطرد لقيامهن بنشاطات تنظيمية. كانت قد وقفت في الخط الأول وغنت ؛ لماذا لا؟
“الذئبة” قصة قصيرة للكاتب المصري عبدالنبي فرج
دخلَ وطلبَ كيلو تشكيلة، العمَّال يُرتِّبونَ المحلَّ للإغلاق فترة حتَّى أغلق الجواهرجيُّ المحلَّ، وركب سيارتَه، وسارَ عائدًا إلى البيتِ، انطلق شحته يتبعه حتَّى وصلَ وهو ينزلُ من السَّيَّارة، وهيَ قفزتْ من على الماكينةِ كغزالةٍ، ورفعتْ يدها بالشُّومةِ، وضربته على رأسِهِ، فسقط على الأرضِ، وظلّتْ تضرب حتى تهشمت رأسُهُ تمامًا، وضاعت معالمها، والدَّمُ تناثر على ملابسِها، ولم يُوقفْها إلاَّ شحته
قصتان للكاتب الروسي أنطون تشيخوف ترجمة عن الروسية إيرينا كراسنيوك بيش
عندما تمكّن الألم من أسنان العميد المتقاعد والإقطاعي الكبير بولدييف، لم يترك وسيلة علاج شعبية إلا واستخدمها. فقد غرغر فمه بالفودكا والكونياك، وحشا السنّ المنخورة بقطع التبغ والأفيون، وبخّها بالكحول. ومسح خدّه بصبغة اليود، كما كانت أذناه محشوتين بالقطن المبلّل بالسبيرتو، ولكن هذا كله لم يُفده في شيء، ولم يخفّف من آلامه، بل على العكس فقد أثار فيه شعورا بالغثيان والإقياء
“قسم المجاهيل” قصة قصيرة للكاتب العراقي مهند يعقوب
بعد أشهر من انتهاء صلتي بالدراسات الدينية، اقترح عليّ بعض الأصدقاء الذهاب إلى مؤسسة الأبطحي لتحقيق التراث، فهم بحاجة إلى موظفين في الغالب. استحسنت الفكرة ، وفعلاً ذهبت في اليوم التالي إلى هناك. رحّب بي سكرتير السيد الأبطحي عند باب المكتب، وهو رجل خمسيني، عرفت فيما بعد أنه من العراقيين المسفرين القدامى إلى ايران.