ديوانية الغجر
شكر:
شكر وامتنان إلى السيد (حميد كيا) والسيد (رشاد خاشوقا) دليليَّ في مخيمات النّوَر والتركمان هذه الأيام.
حميد كيا: سائق من النّور الأردنيين، يملك حافلة ركاب نوع كيا. رشاد خاشوقا: من التركمان الأردنيين يملك بكم تويوتا دبل كبين، وهما متخصصان بنقل (النّور) وترحيلهم من مخيم إلى آخر.
شكر خاص إلى السيدة ناعسة. من الغجر التركمان وفدت من سوريا. وهي ذات خبرة طويلة في الترحال عبر بلاد الشام، وقد أمدتني بحكايات طريفة، وأغان منسية، ومعلومات مفيدة عن الثوابت والمتغيرات في حياة الغجر، وعن قدرتهم على التكيف مع النوازل والمنازل.. وكانت جريئة في شرح التفاصيل.

تجربة خاصة
أعرفهم منذ نعومة أظفاري، وأتذكرهم مثل خيالات حلم عندما كانوا يأتون إلى قريتنا حوارة بعد (طيار) البيادر، ويقيمون مهرجانا في ساحة القرية، فنتفرج على عماليق يمشون على سيقان خشبية، وأولاد يتشقلبون في الهواء، ويقفزون على أكتاف بعضهم بعضا مشكلين أهرامات راقصة، وشباب ينفخون النار من أفواههم، ويقذفون الخناجر إلى أهدافها بمهارة، وكهول يطيّرون الحمام من قبعاتهم، ويستخرجون البيضة من مؤخرة المختار..
أتذكر شيخهم (الهبر) وهو يضرب الطبل في الحارات ليجمع الناس كبارا وصغارا ذكورا وإناثا في ساحة القرية ليتعجبوا من قدرة فتياتهم على الرقص على الحبال، وخفة شبابهم وهم يتبارزون بالترس والخنجر، ومهارة كبارهم بترقيص الكلاب المسروجة، وتناغم حركتهم عندما يقدمون العروض المسرحية مع القرود: اعجن عجين الفلاحة. احصد مثل الحصاد الشاطر. نام نومة العجوز. ويدهن أحدهم ذقنه باللبن ليقوم القرد بدور الحلاق ويلحس اللبن عن وجهه.
أتذكرهم صبيا عندما كانوا يحطون أحمالهم، وينصبون خيام الخيش في الأرض البور، فيسارع أهل القرية ليضبوا الداشر من دوابهم، والمتطرف من متاعهم، والسارح من دجاجهم. هاتفين محذرين ومرحبين:
جاء النَّور.
مرحبين ومحذرين: لأن النّور كانوا جزءا من دورة الإنتاج في المجتمع، فرغم الحذر والتحوط من سرقاتهم، وجرأة نسائهم، إلا أن القرية بحاجة لخدماتهم، فهم حدادون مهرة، يصنعون قيد الفرس ولجامها، وقفل البئر، وجرس الرقبة للغنم والبقر، ويصلحون سكة الحراثة ويصنعون المذارة والشاعوب، ويقومون بأعمال السمكرة، وتركيب الأسنان، ونساؤهم يبعن الإبر وحفارات الكوسا، والخرز الملون وخلاخيل الفضة، ويرمين الودع ويقرأن البخت، ويوشمن وجوه النساء بالأزرق والأخضر، ويخرمن آذان البنات لاستقبال الأقراط، وتتزين أنوف الفتيات بحلقات الذهب.
هل أتحدث عن البرامكة الذين كانوا يطوفون القرى بفحولهم المطهمة لتحسين نسل الخيول والحمير والبقر؟
هل أتحدث عن الغرابلية الذين يصنعون الغرابيل بأنواعها ومشتقاتها من جلود وأمعاء الحيوانات، ويصلحون القديم منها؟
هل أتحدث عن أهل الطبل والمزمار والربابة المشدودة على (قلن) من الصفيح؟
نزل فريق منهم قرب الطريق العام لقريتنا وكانوا يقيمون الليالي الملاح، وكنا نحن الفتيان آنذاك نتلصص عليهم مترددين بين الرغبة بالاقتراب، والخجل أو الخوف من الأهل والوشاة.
قبل عام 1970م لم يكن للغجر بطاقات تعريف شخصية في الأردن. كانوا يعبرون الحدود بين دول المنطقة بسهولة، وأذكر أن أمي سألت إحدى البصارات: شلون تسافروا بلا جوازات سفر؟ قالت النّورية: نحنا نَوَر. نمرتنا ع كتوفنا. ما حدا يعترض طريقنا.
هل أتحدث عن انزياحات المجتمع المحلي الذي ما عاد منتجا، وانزياح الغجر إلى مزيد من الغربة والعزلة على هامش المجتمع الاستهلاكي. فاختفت دفوفهم، ودوابهم، وغرابيلهم.. وغابت الأسنان الذهبية اللامعة عن ابتسامات الصبايا.
هاهم يبيعون البضاعة الصينية الخفيفة على الإشارات الضوئية، ويزداد اعتمادهم على التسول، والاحتيال، والــــونس… وشيئا من قراءة الطالع.
للأسف لم يعد هناك بيادر يحط عليها الغجر رحالهم. ولم يعد بين الغجر حرفيون مهرة.. وقبلي بقرن تقريبا، قال لوركا:
“يا للخسارة، لم يعد هناك غجر يصعدون الجبل”1
لكنهم ما زالوا يجوبون الطرقات، ويقيمون المخيمات، ويرتحلون بلا سبب واضح. وما زلت نساؤهم يلبسن الملابس الفضفاضة المزركشة، ويتخذن زينة من الحلي المختلفة بشكل لافت، ويقمن بتزيين الوجه بالوشم والأصباغ، وفرق الشعر في منتصف الرأس، مع إسبال جديلتين على جانبيه. أما الرجال فيلبسون الملابس الدارجة في محيطهم، ويميلون غالبا إلى وضع لفافة فاقعة اللون حول الرقبة.
هل أدعي بأني أعرف أسرارهم، طبعا لا، ولا أفهم إلا القليل من كلامهم، ولكني بفضل صديقي حميد كيا ورشاد خاشوقا فهمتهم بالقدر الذي دفعني لتعريب أغاني وحكايات الغجر، وكتابة هذا البحث، فالأسرار ليست بوحاً مباشراً فقط، واللغة ليست حروفا و كلمات وحسب.
سألت السيد شهاب عن سبب رحيله المفاجيء عن مخيم الغجر شرق حوارة، مسّد شاربيه الأسودين الكبيرين، وقال:
“قلبي مال ومانال.. قلّي ارحل”!
كتبت في مفكرتي:
(تمنى تنل. إذا لم تنل، ارحل)
وكان أبو شهاب واقفا عند باب خيمته يدقّ صدره بقبضته وينشد متحسرا على رحيل ولده:
“هاي الدنيا ماش ماش
مثل طيات القماش
ومثل حالمٍ بالليل
قعد ما لقاش”
الغجر في الأردن
اصطحبني الغجريان: حميد النوري وصديقه التركماني رشيد خاشوقا لمقابلة السيدة الأولى في المخيم المختلط (تركمان ونور) شرقي قريتي حوارة، بجانب ساحات سوق الجمعة لمحافظة اربد..
قالت السيدة ناعسة بفخر:

باي عليك يا حاج باي.. نحنا مو نَوَر. نحنا تركمان رُحّل..
ضحك رشاد خاشوقا، ومال حميد كيا على أذني هامسا: لا أعرف لسان التركمان لكني أفهم ما يرطنون به.
قال رشاد لحميد: نحنا تركمان وانتم نور شو جاب لجاب.
نظر إليه حميد بطرف عينه، وقال: أجيتونا من سوريا ورحبنا فيكم بمخيمنا.. وهسا صرتوا تتمظرطوا..
قطعت السيدة ناعسة متعة الشجار عليهما، ورفعت عقيرتها منشدة..
“أووف أوف يباي.. يباااي/ عين السما تحمينا/ يباي يباي حامية شمسنا وحرار نحنا. أووف أوف يباي.. يباااي/ طويلة ومشعشبة دروبنا/ يباي يباي بالمشي تمحي ذنوبنا/ أوف يباي أووف ثقيلة مثل الغيم همومنا/ والبرق يلمع مثل العمر/ يباي ياي ياي ياااي/ رعود تلم الغجر لخيمتي/ احكيلهم حكي مثل عد الدنانير ومواويل تميل وتميّل روس السامعين يبوي يبااي ياويل حالي..
هذا ما لملمته من ترجمة السيد رشاد خاشوقة للموال.
تحدثت مع السيدة ناعسة ببعض عبارات تركية أحفظها، فلم تفهم ما أقول. وقالت؛ لساننا تركماني، وليس تركيا. سرّ حميد لأني أحرجت السيدة التركمانية، وأخفيت ابتسامتي وما أفكّر به: تركمان. نور. غجر. برامكة. قرباط. كاولية. زط.. بنو مرة. غرابلية. خلباص. قرج.. هذه التفاصيل لا تهمني، بالنسبة لي:
الكل زط، مساواة محققة تنفي الفوارق بين الجار والجار
كما قال شاعرنا الكبير عرار.
نحنا نور الأردن عرب أقحاح من بني مرّة. (يقول السيد حميد)
تقول الملحمة العربية الشهيرة أن الزير سالم انتقم من بني مرة، ثأرا لأخيه كليب سيد تغلب، بعد حرب دامت أربعين عاما، وانتصاره على بني بكر قوم جساس بن مرّة، فأمر بتشتيتهم في الأرض، وحكم عليهم ألا يوقدوا نارا، ولا يذبحوا ماشية، ولا يسكنوا سقفا..
تقول السيدة ناعسة أنها كانت صبية حين هاجرت مع قبيلتها من فلسطين إلى لبنان عام 1948م، وشعرت أنها عجوز فقط حينما رحلت من شمال سوريا إلى الأردن عام 2014م.
[نحنا تركمان رُحّل لا نحارب ولا نعادي حدا] قالت ناعسة عندما سألتها عن أحوال الغجر في سوريا
وفهمت من رشاد خاشوقا أنه عندما تأججت صناعة الموت في سوريا تحركت قبيلتهم إلى تركيا، لكن مفاجآت الطريق، ومزاج المجموعات المسلحة طوحت بهم من (مخيم دير العاشق) شمال غرب سوريا إلى (مخيم سوق الجمعة) شمال الأردن.
في إحدى الأمسيات المقمرة، ارتفع صوت ذهبية حفيدة ناعسة حزينا صافيا قويا:
مع طنين الناعورة وطنينا شغل بالي
هيه طنينا عالمية ونا طنيني عالغالي
همست لرشاد خاشوقا: سميرة توفيق تغنيها (مع عنين الناعورة)، رد السيد خاشوقا؛ (طنين) عندنا تعني (أنين).
ثم أخذنا الصوت الشجي، إلى ما وراء المفردات والمعاني، فتمايل السامعون، وذابوا في شدو الربابة وأنغام الصبية، وذكريات مع بساتين نهر العاصي، فأخذنا النواح اللذيذ إلى عالم أبعد من نواعير حماة وأعمق من نهرها.. دمعت عيوننا كل على ليلاه، ولم أكن بحاجة لتمحيص المفردات الغريبة.
الغجر ليس لديهم أبجدية واضحة المعالم، ولغاتهم غير مكتوبة، فهي تتكون وفقا لمكان تواجدهم، تتشكل عشوائيا من لغة المهاجرين ولغة السكان المقيمين. ما يوحدهم هو نمط عيشهم، وأسلوب تواصلهم، وبالتالي ثقافتهم الخاصة.
كنموذج من أشعارهم أترجم هنا (طنين) موال السيدة ناعسة المرافق لــ (ونين) ربابة الفتى شقور ذات أمسية مقمرة:
“اسناني طاحوا والرجال راحوا. الغوالي تايهات بالمرايا. ونا كسرت مراتي. تشهد علي الشمس، ويشهد علي خلخالي. رقاصة ما يرقص حدا رقصي. وبصارة ما قرت ودع مثلي، نحلة ألسع والعسل علساني. فراشة كنت والورد زناري. الحبل المشدود يفرح بخطوتي، والثعبان يتمايل مع غمزة عيني.. يا ويل ويل حالي”
كتبت:
(الرجال ابتعدوا مذ فقدت أسناني
النساء مشغولات بالمرايا، وأنا أخاف مرآتي
هي الشيخوخة مرض يهابه الغجر، ويخافه السلاطين
أيتها الشمس العظيمة
قولي لهم. قولي لهن
كانت براجة وبصارة
تفهم لغة الودع. وتقرأ خطوط الرمل
وتعرف سرّ السراب
كانت أمهر من نقرت دفّا
أرشق من تمايلت على الحبال
أجرأ من لاعبت الأفاعي
وكانت ترقص كوردة من نار
فتلهب الساحات)
رميت نقودي الفضية. وجلست بين يدي الناعسة أستمع لحكاياتها الذهبية..
(مشكورا، ترجم2 لي رشاد خاشوقا عن لسان السيدة ناعسة حكاية ظريفة عن “السحلية والفأر” ترويها لأحفادها قبل النوم، وقمت بتعريب النص ليصير مفهوما للقارئ.
كان ياما كان، ويجوز أنه لم يكن3..
كانت هناك سحلية، وكان هناك فأر، أو لعله لم يكن، ولكن هذا ما تقوله الحكاية.
قالت الغجرية المحرومة: يا رب ارزقني بنتا، حتى لو كانت سحلية، كان باب السماء مفتوحا، حبلت الغجرية وأنجبت سحلية. أسمتها سعاد لتعيش سعيدة، وكبرت السحلية، وصارت بنظر أمها أميرة تستحق أن تتزوج أميرا.
قالت الغجرية لابنتها: كبرت يا أميرتي، وصار لازم أن تتزوجي.
فرحت السحلية، وطلعت تدور على عريس، أول ما صادفها الجمل، قال لها: أوووووووووع أتتزوجيني يا سحلية؟
قالت له: حط الذهب في كمي أروح أشاور أمي.
رجعت السحلية لأمها، وقالت: يمه…يمه… لقيت عريسا.
قالت أمها: صفيه لي.
قالت السحلية: أووع أوع عيناه كبيرتان، ساقاه طويلتان، وله حدبة قي ظهره.
هههه يا أميرتي هاذا جمل، ما ينفعكيش.
راحت السحلية للجمل، أعادت له ذهبه، ورجعت، على الطريق طلع لها الديك وصار يتغزل بها، ككو ريكو ككو ريكوووووو.
قالت له سعاد: حط الذهب بكمي أروح أشاور أمي.
يمه… يمه… لقيت عريسا، كوكوو… ككو… ريكو… رأسه صغير، طربوشه أحمر وكبير، ويلبس ثوبا مزركشا كأنه أمير.
قالت أمها: يا مسخمطة هذا ديك، قلت لك أنت أميرة، والأميرة تتزوج أمير.
راحت السحلية للديك أعادت له ذهبه، وجلست على حجر صغير فوق رجم حجارة كبير. وضعت يدها على خدها، وصارت تولول:
يا ويلي يا ويلي يا ويل حالي.. على أمير ما شفته بمنامي.
طلع لها الفأر: زيك زيك زيك، لماذا تولولين يا حلوة؟
فرحت سعاد: أحببتك أيها الصغير الوسيم، أنت أول واحد يقول لي يا حلوة.
قال: لهذا أنت حزينة؟
أنا حزينة لأني سحلية، وأمي لا تقبل تزوجني إلا لأمير،
قال الفأر: ما اسمك يا أميرة؟
اسمي سعاد الغجرية.
قال الفأر: اسمي منير ، وأنا أمير ابن أمير.
قالت سعاد: كيف عرفت أني أميرة؟ أمي فقط تقول عني أميرة.
قال الفأر منير: لأني أحببتك، وأريد أن أتزوجك. وأجعلك أميرة.
حط الذهب بكمي أروح أشاور أمي.
رجعت سعاد لأمها فرحانة، وقالت لها: يمه يمه يمه… زيك زيك زيك. لقيت عريسا لقطة، لا تقولي لأ يمه.
قالت أمها: صفيه لي يا بنيتي.
عريس رأسه صغير، ووبره قصير، وهو أمير ابن أمير.
قالت أمها: هات الذهب، واذهبي فأحضريه، حتى نعرف هل هو أمير، أم فأر يفكر نفسه أميرا.
راحت سعاد وقالت للفأر: تعال عندنا يا منير حتى أمي تعرف إذا كنت أميرا أم فأرا يفكر نفسه أميرا.
قال الفار منير: قولي لأمك الأمير لا يأتي إلا إذا أرسلت له شال حرير، وأن تزرعي دربه شعيرا، وأن يفور من هذا الرجم نبع غزير.
فرحت أمها: هذا حقا أمير. مدت يدها إلى جرابها، وأخرجت شال حرير مرسوم عليه حقل شعير، وقالت لابنتها: هذا شال أوله عندي وآخره يصل عند الأمير، عندما تصلين هناك أزيحي الحجر الذي كنت تجلسين عليه ينبع من تحته ماء غزير، وانظري ماذا يصير.
فرح الفأر منير، وقال لسعاد: حسنا. لقد فرشت دربي حريرا ، وجعلتيه مزروعا شعيرا. بقي أن يفور من هذا الرجم نبع غزير.
أزاحت سعاد الحجر الصغير من الرجم الكبير ففار من تحته نبع غزير.
تشقلبا في الماء مرتين، فصارت سعاد أميرة كالشمس أول سطوعها، وصار الفار أميرا كالقمر المنير.
أحضر لها الأمير عربة مزركشة تجرها ستة أحصنة مطهمة، يحف بها الزمارون والطبالون، وزفت سعاد في حاشية من الجنكيات4 الملاح، فتهول الغجر من جمال العروسة ووسامة العريس، وزفوهما إلى أجمل خيمة يمكن أن يصنعها الغجر)..
تصمت الناعسة. أستحثها لتُسمعني المزيد من الحكايات والمواويل. مدّت يدها ضاحكة: إن رميت بياضك بسخاء، سأخبرك بالمزيد.
رميت لها نقودي البيضاء. خبأتها في عبها، وضحكت عن سنين لا ثالث لهما، وقالت: هل من الضروري القول أنهما عاشا في سبات ونبات؟
شعرت بامتنان كبير للسيدة ناعسة والسيد حميد، لأنهما أتاحا لي التقاط قصة أطفال غجرية لم يدونها أحد قبلي، فالتدوين لا يشكل جزءاً مهماً من هذا التراث الفني العظيم للغجر عموما.
وذات سهرة حمراء مع نوَر بلادنا، همس لي حميد كيا:
هل اسمعك أغنية لم يسمعها أحد خارج مخيمنا؟
طبعا وافقت بحماس.
جرّ خاشوقا وتر ربابته وغنى:
[يباي يباي يباي. وحدة تنتين تلات وعشرين تفاحة اكلت
وطعم جوافتك هابش روحي
ردت الكنجية غزالة بصوت مبحوح يفيض شغفاً:
يواي يواي واحد تنين تلات وعشرين كاس شربت
غير كاسك ما رواني
يباي يباي يباي وحدة تنتين تلات وعشرين عاشرت
وطيفك ما غادر جفوني
يواي يواي يواي واحد تنين تلات وعشرين عرفت
وريحتك ما طلعت من ثيابي).
كتبت:
واحد اثنان ثلاثة وعشرون مرة خنتك
وعدت إليكِ
دعيني أضع عنبة سوداء في فمك الأحمر
وأعض عنقك الشهي كتفاحة ريانة
واحد اثنان ثلاثة وعشرون امرأة عاشرت
وانت تموجين تحت أجفاني حلوة وشهية
حبة جوافة فواحة ناضجة
وطعمها لا يزول
*
واحد اثنان ثلاثة وعشرون فراشا عبرت
ولا زلت أرغب فيكَ
واحد اثنان ثلاثة وعشرون رجلا عرفت
وعندما تنتفض فوقي مثل قطٍّ تحت المطر
أنسى من كانوا
واحد اثنان ثلاثة وعشرون مرّة خنتك
وتبقى رائحتك في ثيابي
مثل نكهة العشب في اللبن
لا تزول.
ليت للغجر أبجدية أو لسانا واحدا لأدون بلغتهم كيف يسجعون، ويتقنون جملاً متوازنة متقاربة في الإيقاع، وكيف يتلاعبون بالترادف والنبرة، ويتحايلون على اللغة بالحركة والإشارة والرقص والتمثيل.. ففي ظل غياب التدوين عند الغجر لا يمكن أن نتحدث عن لسان غجري فصيح. ولكن نستطيع رصد ثقافة مشتركة، ولغة جسد مفهومة، وسلوكيات متفق عليها، ويمكن رصد الإشارات والعلامات “سيميائيا” لفهم أسرار الخطاب المتداول بينهم. واستبطان ما خفي من أفكار خلف لغوهم وسلوكياتهم، وفي عمق ثقافتهم. ويمكن فك شيفرة تلك الرطانة البدائية المحملة بالنوايا والأسرار، ومكنونات العقل الباطن.
يقول حنا عبود في مقالة له في جريدة الاتحاد تاريخ 13/12/ 2014م بعنوان “الغجر أبناء الأسطورة5”:
(استمعت إلى قارئات الكف، وضاربات الودع، والبصارات، وسمعت كلمات معالج الأسنان، وبائعات الخرز والودع، والشحادات، والمنشدين، والراقصات… بعدة لغات، ومن كل الفئات والمناطق: الغوازي في مصر، النَّوَر في بلاد الشام، الكاولية في العراق، أو أي تسمية أوروبية كالزط والقرباط والرومني، سمعت السجع ذاته، والحكايات ذاتها، ورأيت العادات والتقاليد ونمط العيش واحدة في جذرها، فعندما يلقاك الغجري مرحباً في باب خيمته التي فضلها على الأبنية التي قدمتها الحكومات في بلاد بعيدة، فتركها للريح تلعب فيها، تجده هو الغجري الملتزم بنمط عيش واحد أينما كان، ومهما كان اسم قبيلته)
وقد أفادني السيد حميد كيا بمسجوعة تصور جانبا من علاقات نَوَر الأردن الخاصة:
(قومي يحجة قومي. بوزك مثل القردومي. روحي للقرية روحي. القمح مثل الذهب الصافي. والتبن مثل الفضة سايلي. عندم قتا وبطيخ. والبطيخ أحمر وامنيح. ارمي ودعك وارغي. ارغي ارغي مثل الترغلي. بيعهيم بخت وحكي. وهاتي تبن ومصاري. التبن لحماري والمصاري للغالي. الغالي بدو يسكر. والسكر بدو مصاري)
وقد صغتها وفق بلاغتي الخاصة على النحو التالي:
انهضي يا زوجتي واذهبي إلى القرية:
حيث المنجل يحصد الذهب
والفضة تتساقط من العيدان
والبطيخ يخبئ وردة من عسل
اذهبي يا بائعة السراب
ارم الودع بين أيديهم المتعبة
هدهدي خيبات النساء
انفخي في أنانية الرجال
وامدحي جمال العانسات
امنحي الغارمين الأمل
وانزعي الخوف من قلوب العجائز
اذهبي يا سيدة السراب
وعودي بكنوزهم
فأنا عطشان وأريد أن أشرب
جبسولوجيا
لا تختلف قبائل الغجر في الأساسيات من نمط العيش عن بعضها بعضا، فالغجر عندنا وعند غيرنا يرتبطون بحبل سري واحد من أنماط المعيشة والسلوك والقيم وعشق الفنون، وهم يتخذون دين المكان الذي يحلون فيه من قبيل “التقية”، ولكنهم أبداً تحت تأثير معتقداتهم السرية، وقوانينهم الخاصة، ولغاتهم المشفّرة؛ وعندما نحاول النبش في جذور عقيدتهم نجد بينهم من يرغب بتبرير خروجه على (النمط السائد) بأنه يحمل وزر الخطيئة الأولى، خطيئة قابيل الذي قتل أخاه هابيل. فعوقب نسله بالتشرد!

[مَتَى عَمِلْتَ الأَرْضَ لاَ تَعُودُ تُعْطِيكَ قُوَّتَهَا. تَائِهًا وَهَارِبًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ]، على ما جاء في سفر التكوين 12.
أشار بعض الغجر بصورة مخادعة إلى أن التسكع في الأرض هو لعنتهم “المقدسة”. ولكن؛ هل هؤلاء الغجر المحايدون الطيبون بحاجة لخطيئة أو ذريعة ليتيهوا في الأرض غرباء منبوذين؟ وهل يمكن المزج بين الخطيئة الأولى وقبول جريرتها إلى الأبد، وبين لا مبالتهم حيال ما ينسب لهم من حكايات؟
في أوروبا يُقال أنه حكم عليهم بالتيه والتشرد بسبب الخطيئة التي جاءتهم لأن حدادا من أجدادهم صنع ثلاثة مسامير التي دقت في جسد المسيح على الصليب.
بعض الباحثين يذهبون إلى أن كلمة Gypsy (غجريّ) جاءت من كلمة: Egyptian (مصريّ)، ويُروى أنّ الغجر هم اليهود الذين طُوردوا من مصر عبر الصحراء، إلاّ أنّ هذه الحكاية لها جانبها الافتراضي المعاكس، الذي يقول إنّ الغجر هم المصريّون الذين قاموا بمطاردة اليهود في الصحراء وتاهوا أثناء المطاردة وما زالوا تائهين إلى الآن.
وفي مصر المعاصرة يُروى أن (لنّوَر، أو الغوازي، أو المساليب) تاهوا على الطرقات هربا من خطيئة أجدادهم الذين عزفوا عن استقبال مريم العذراء وابنها في مصر، وناصبوهما العداء.
(الكاولية) في العراق ينسبون إلى (الزط) الذين شتت شملهم، الخليفة العباسي المعتصم، وحرّم عليهم المدر والأدم6، وذبح المواشي وأكل البصل والثوم والكراث7!
(النّوَر) في الأردن يُدعون بــ (بني مرّة)، أو (قوم جسّاس) الذين فرض عليهم الزير سالم التشرد وأن لا يوقدوا نارا ولا يذبحوا شاة.
ولا تمل المخيلة (الحضرية) من تقديم مقترحات عن (لعنة الغجر) وهم، أي الغجر، في سراب أيامهم سادرون!
ماذا لو أن الغجر أبرياء من لعنة قابيل؟ وأن من ارتضوا الانتساب لقابيل القاتل هم من تسيدوا المشهد الإنساني. وشيدوا الحضارة البشرية.. وفي ثنايا (التحضر) نلاحظ أنه رغم كل الكوابح الأخلاقية والتعاليم الدينية التى تحث على الفضائل إلا أن التاريخ الإنساني مليء بالصراعات والعنف منذ قابيل الذي قتل أخاه هابيل حتى يومنا هذا.
وإذا كان فرويد يؤكد أن البشر هم أحفاد قابيل بامتياز “سلوكياً”، ويرى أن العنف كالجنس غريزة إنسانية أساسية.. وقبله الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز الذي قال: [الإنسان ذئب أخيه الإنسان]. فالحالة الغجرية هي الرد البسيط على تلك الآراء. لقد نبذوا العنف والجشع والحسد والمغالبة، واختاروا الهامش مخيما لهم، والوداعة نمط عيش. يؤكدون بسلوكياتهم أن الإنسان كائن طيب وخير، وإنما أفسده النظام الاجتماعي المبني على الملكية المتوحشة والظلم والحروب.
الفيلسوف برنارد ماندفيل8 (1670 – 1733) يرى أنّ الرّذائل الشّخصيّة كالجشع والحسد والأنانيّة والعنف هي العامل الأهمّ في تطوّر المجتمعات البشريّة، ودفع عجلة التّاريخ إلى الأمام، كما يؤكّد أنّ المجتمعات الّتي لا تحرص على التميز والمنافسة والمغالبة، سوف تنتهي إلى حالة من الانعزال والتخلُّف.. والحياد التام.
إذا صح كلام السّيد ماندفيل، فهل ذلك يعني أن للغجر فلسفتهم الساخرة من تطور الحضارة؟ فهم لا يأبهون للأشياء التي تشُع، والأشياء التي تزنّ، والأشياء التي تهدر، والأشياء التي تُرسل الموت. وأقاموا قي تلك المخيمات الصغيرة، حيثُ الإنسان البسيط. يحيا حياته البسيطة. راضيا بالحد الأدنى من شروط البقاء؟
هل اختاروا طوعا نمط عيشهم بعيدا عن الملكيّة والطمع والأنانية والعنف.. فخرجوا عن السائد العام، واتخذوا التُّقية سلوكا، وانتهجوا المحو والنسيان لتاريخهم9 متراسا، وارتضوا خبزهم كفاف يومهم، وعشقوا (تخلّفهم) يسيّجون به (حريتهم)؟
ها هم يتمثلون حياة هابيل الراعي المرتحل طلبا للماء والكلأ. ذاك القتيل الطيب المسالم الذي أهملته الروايات. وخسر معركته الأولى والأخيرة، فتاه أتباعه (الغجر) في الأرض بلا أسطورة تحميهم، بلا معارك كبرى ولا انتصارات تؤجج لحمتهم، بلا مدونة تمنحهم حق المثول في تاريخ البشر. فبدوا للباحثين من كل ملّة: كالسراب. يقترحون عليهم لعنات لا سبيل إلى إثباتها. ويروون عن معتقداتهم وقوانينهم قصصا متناقضة، ويرسمون لهم أوصافا لا تروي عطشا.
إنهم الغجر، بحياد خادع يعبرون الطرقات، تاركين لنا متاهة التأويل..
إنهم الغجر، أحفاد هابيل المجهولين، أبناء الحكاية المنسية، عشاق الشمس وسرّ السراب..
(الشمس شوت العجين ليصير بشرا سويا. لم ينضج الخبز بالدرجة نفسها، فكان الأبيض والأسود والأصفر والأشقر والأحمر. كل رغيف كرج على بقعة الأرض التي جاء منها.. لملمت الشمس ما تبقى لديها من عجائن، وصنعت رغيفا على هيئتها. فكنا نحن الغجر.10)
الشعوب تصنعها الحكايات، والأوطان تصنعها المدونات التي تؤبد الانتصارات. والغجر بلا حكاية يتوارثونها، ولا انتصارات مدوية تستحق التدوين، فاختاروا اللامبالاة الساخرة حيال كل الصراعات الكبرى والصغيرة التي دارت حولهم.
هل هناك استثناءات؟..
تروي كتب التاريخ أن (الزط11) ثاروا على الخليفة العباسي، وقطعوا الطرقات, ونهبوا الأسواق، وانظم إليهم نفر من العبيد، وعاثوا في البصرة فساداً..
كاتب هذا السطور يرى أن الثورة والقتال والعصيان ليست من شيم الغجر الأصيلة، فإما أن تكون تلك الثورة شذوذا عن القاعدة العامة، وإما أن زط البصرة ليسوا غجراً، أو أن هذه التسمية (ثورة الزط12) ألصقت بتلك الثورة لتسفيهها.
تقول إحدى الحكايات الشعبية أن ملكا فارسيا جلب الغجر من الهند للغناء والرقص وتقديم ألعاب الخفة للتخفيف من أحزان شعبه، أو احتفالا بانتصاراته، ثم أقطعهم أرضا ومنحهم قمحا وشعيرا وثيرانا ليزرعوا ويتوطنوا، لكنهم أكلوا الثيران وباعوا القمح والشعير. فقال لهم: بقي لكم الحمير والمزامير ، خذوها وارحلوا عن أرضي. وحرّم عليهم بناء المساكن. وذبح المواشي، و أكل البصل والثوم!
هذه الحكاية المستندة إلى المخيال الشعبي، أقرب إلى حال الغجر من مرويات كتب التاريخ الرسمية المعادية لكل ثورة.
كتبت ايزابيل فوانسو في كتابها (سيرة الغجر) الصادر في دمشق عن دار تكوين سنة 2006م. ترجمة عايد اسماعيل:
[هم قبائل بلا هوية توحّدهم ولا قومية ينتسبون لها، ولا وطن يجمعهم يحلمون بسيادته أو بالعودة إليه يوما. مجموعات آمنت أن كل الأرض وطنهم وأن التسكّع لعنتهم التي يفاخرون بها..
ليس للغجر أبطالا ولا أساطير عن التحرر العظيم، ولا عن تأسيس الأمة ولا عن الأرض الموعودة. ليست لديهم أضرحة أو صروح ولا أطلال ولا كنائس أو أماكن عبادة، إنهم جاؤوا ليجوبوا القفار. لا أصل لهم سوى عاداتهم وتقاليدهم.. الغجر ليسوا بقايا شعب، أو قبيلة، ولا أقلية أو طائفة ولا أتباع ديانة منسية، هم جماعة، يقال إن هجرتها الأولى انطلقت من شمال الهند، ثم انشطرت إلى جماعات اتّخذت من الترحال مصيرا..]
على أرض الواقع لا نستطيع أن نتحدث عن لغات وأعراق وهويات عند الغجر، فهويتهم واحدة (التيه) قأينما حلّوا: هم الغرباء الرحل، والغرباء الرحل ليسوا عرقاً واحدا، بل هم مزيج من الغرباء المهاجرين والغرباء المحليين، فالراصد المتابع يجد غجرا استوطنوا وتمدنوا، ويجد أفرادا وعائلات من المواطنين المحليين اضطرتهم ظروفهم، أو اختاروا طوعا حياة الغجر.. هذه الحياة المحيرة بعمق بساطتها، وقوة قوانينها الخاصة، وقدرتها على التأقلم مع متغيرات الزمان والمكان، ربما هذا هو سحر أسطورتهم الغامضة التي حفزت مخيلة الشعراء والمغنين والرواة وصانعي الأفلام والباحثين وأمدتها بكثير من التأويلات والقراءات. ومن وجهة نظري فإن تلك الأسرار الغامضة، وذلك السراب الساحر، وتلك الأسطورة غير المتفق على نصها المقدس. ستظل مولدة لمقترحات ومقاربات جديدة عن الغجر. ومحفزة للتوسع في كشف متاهة “الجبسولوجيا”..
الغجر والثقافة
هؤلاء الفنانون الشفاهيون من المنشدين، والحكواتية، والعرافين الذين يبهجون مجتمعاتهم بالتكرار والتحويل والتحوير بما يلائم المتلقي، يتمتعون بهامش من الحرية والإبداع في تطوير وتجويد المنتج الشفوي، وفي الوقت نفسه يسوقون سجعهم وإيقاعات كلامهم وفق أشكال سابقة، وقوالب مألوفة في مجتمعاتهم، معتمدين على أساليبهم الخاصة في التشويق، ومساهماتهم الخفية في تجويد النص والإيقاع.
نعرف أن غجراً مثقفين في أوروبا دونوا فنونهم الخاصة، ولكن ما استطعت الأطلاع عليه هي كتب ألفها غير الغجر عن الغجر، وقد لمست شبها في المواضيع، وشيئا مشتركا في أنماط السرد والإنشاد، بين ما دونته عن غجر الأردن، في كتابين عن حكايات الغجر هما (الأمنيات الثلاث، وصانع الساعات)، التي جمعها فرانسيس غروم وترجمهما يوسف رخا، وصدرا عن دار كلمة في أبو ظبي عام 2009م. وكتاب هانزيكون فويكت (أغاني الغجر)، ترجمه نامق كامل، صدر عن دار المدى في دمشق، عام 2006م. ولم يسعفني البحث في العثور على مدونات تشفي الغليل عن تراث الغجر في الأردن!
كما توفر لي مدونات مترجمة عن كلام الغجر الشفوي منقولة إلى لغة البلاد التي دونت فيها، ثم ترجمت إلى لغة ثالثة أوسع انتشارا، ووصلتني مدونة باللغة العربية عبر أربع أو خمس خيانات للنص الأصلي.
هذا يجعلني أمحصها بانتباه، وأنتقي منها بحذر فيما أقوم بتعريب النصوص المكتوبة أو الشفاهية التي تواصلت معها.
يجد الباحث الكثير من الفيديوهات التسجيلية والأفلام السينمائية والروايات التي صورت مقاطع من حياة الغجر أو كان الغجر جزءا من الحكاية، وعند تمحيصها، نجدها قد ترجمت تصورات الكاتب أو رؤية من أعد الفيلم أو الفيديو. كذلك الحال مع ما دوّن من أغاني الغجر وحكاياتهم… وهنا أستحضر تجارب من الأغاني المشتركة بيننا وبين الغجر، على سبيل المثال نتحدث عن أغنية (يا عنيد يا يابه). عُرفت الأغنية عند (الكاولية) في العراق، ثم طور كلماتها وغناها حضيري أبو عزيز، وغنتها سليمة مراد، وغناها عبده موسى في الأردن، وتلاهم كثيرون وكثيرات بألحان مختلفة وكلمات تطول وتقصر، وتتبدل المفردات، وتضاف مقاطع وتدمج أحيانا مع مقاطع من أغان أخرى، ثم يعود الغجر القادمون من شمال سوريا والمخيمون شرق قريتي فيغنوها بطريقتهم الخاصة ولحنهم الخاص ولكنتهم الخاصة:
كل البنات نجوم يا عنيد يا يابا
يما وشوقي قمرهن
عيني ومي عيني يا عنيد يا يابا
تسوى هلي وكل القرايب يا عنيد يا يابا
لأقعد بتالي الليل .. يا عنيد يابا
يما واذكر وليفي
وبحجة الحالمان يا عنيد يا يابا
يما لبكي ع كيفي
وسمعت من شباب النّور الذين يقيمون شرقي قريتي حوارة بجانب سوق الجمعة. أهزوجة طريفة عن هذا السوق، قمت بترجمتها وفق بلاغتي الخاصة:
(في سوق الجمعة
عصافير بأثداء كبيرة
الكلاب مسروجة كالخيول
القط يتجول في سروال أخضر
والتيس يتيه فخورا بلحيته السوداء
الدجاجة مزينة باللآلئ
والديك يتباهى بطربوش أحمر
في سوق الجمعة
الليمون ليس أصفر ولا أخضر
البندورة زرقاء والخيار أحمر
الفلفل يتباهى بكل الألوان
في سوق الجمعة
ماكينة قهوة بلا محرك
ودراجة لا مقعد لها
وإبريق مخزوق
بين الزبائن والرغبات
أزاحم باعة البسطات
وأمشي تائها بلا بضاعة ولا نقود)..
المثقفون الغجر مجهولون، ليس بينهم من يدعي أنه شاعر أو عالم ولا من يدعي أنه يعرف ما لا يعرفه غيره.
يقول الأنثروبولوجي الإنجليزي جاك غودي13:
[مثقفو المجتمعات البدائية التي لا تعرف الكتابة هم المنشدون والخطباء وساردو الحكايات والأساطير والعرافون الذين يقرأون البخت.. سرعان ما تُنسى أسماؤهم. فيما يستمر تناقل إبداعتهم عبر الأجيال.]
هذا الإبداع الجمعي للغجر جذب المغرمين بالسرد والإنشاد والرقص والموسيقى الأوسع خيالا، فصارت الكتابة عن الغجر، أو الكتابة باسمهم لها جمالياتها الخاصة، لأنها بالتقاطاتها المواربة خلقت مستوى جديدا للمعنى وللمعرفة وللمخيلة وللذائفة، وصارت لدينا مدونات تحاول التقاط المتشابه والمفارق في أنماط الحياة الغجرية، والتفنن في إعادة بنائها، واقتراح شكل عرضها، واختيار الفصاحة اللغوية والموسيقية والإيقاعية التي تلائمها، وهكذا صعد الغجر إلى السماء عند “غوركي”، وظهرت “ازميرالدا” عند “فيكتور هوغو”، وتجلّت “كارمن” في أوبرا “بيزيه”، وجاء الغجري ميلكيادس بقالب الثلج إلى قرية “ماركيز” المعزولة، فظنه أهل “ماكوندو” كومة من الإبر اللامعة، وظهر الغجر في أشعار “عرار” و”لوركا” و”بوشكين” و”اراغون” “. “بودليير”..
لا يكفي أن نلتمس أثرهم عند مشاهير الثقافة العالمية، بل نستطيع أن نلمس وشائج قوية بين حكايات الغجر وأشعارهم وبين حكايات المجتمعات المستقرة، وأشعار وفنون الشعوب التي يعيشون في كنفها، ونرى أثرهم باديا في كل التقاليد الأدبية والفنية في البلدان التي حطوا رحالهم فيها. (هل هناك بلدان ليس فيها غجر؟)..
هنا سأختار هذه الحكاية التي سمعتها من الحكيم وهج في مخيم التركمان قرب دير علا، لأني سمعتها تروى عندنا في شمال الأردن مع بعض الإزاحات واختلاف الأسلوب..
حكاية ابنة القمر
كما في حكايات الغجر، كان هنا مخيم كبير، وكانت هناك على طرفه البعيد قرب الغابة خيمة فيها فتاة صغيرة، وكان القمر هلالا فتيا في أول صعوده.
كانت وحيدة لأن أباها ذهب إلى المدينة الكبيرة ليحضر زيتا للسراج، لكنه لم يرجع تلك الليلة.
قلقت الفتاة الصغيرة وراحت تغني:
خلف ظهر الشمس تتسلل العتمة.
لا زيت في السراج. وفراشي بارد.
في خبائي تتراقص العفاريت
أنا خائفة
أفتح شق الخيمة وأرتجف
بعيد وقريب
يلمع سراج منير
سراج عالٍ تكاد تطاله يدي
آه يا قمري المنير
لا زيت في سراجي
لا أنيس في خبائي
تعال ونَم في فراشي
تعال يا قمري الجميل..
ابتسم القمر الفتي في علاه لصوتها الساحر ، وأرسل ضوءه الحنون إليها، و قال فاتحا ذراعيه: تعالي يا فتاتي، لأكن لعينيك سراجا، ولروحك أنيسا
تعلقت الفتاة الصغيرة بحزمة الضوء وصعدت إلى القمر، وهنا اختلف الرواة، فمنهم من قال صعدت الفتاة إلى القمر، ومنهم من قال أنها شدت القمر من شعره الفضي إلى خبائها، وسواء عرفنا ما حدث تلك الليلة أم لم نعرف، فالحكاية تقول أن الفتاة حملت، وبعد تسعة أشهر أنجبت طفلة كالبدر في علاه، ففرح أبوها الكهل كثيرا، ومنح الطفلة والأم بركاته.
وكما في كل الحكايات كبرت بنت القمر، وصارت تزور خيام الغجر حين لا يكون فيها زيت للسراج، وتحكي لهم القصص الجميلة. إلى أن ترسل الشمس رسلها، فيطير الليل إلى عشّه. وينتشر الغجر يركضون وراء رزقهم.
يا سامعين الهرج، يقول لكم الحكيم وهج؛ رويت لكم هذه الكذبة الجميلة لأقول: السراب يروي كالماء)
هل نستطيع القول أن الغجر الرحل الذين لا يمكث مخيمهم أكثر من فصل من الفصول الأربعة في المكان ذاته، لعبوا دورا مهما في التلاقح الثقافي بين الشعوب أيضا؟
هل شطحت بعيدا عن المقولات المستقرة حول الغجر، حسنا، لأعترف بداية أن الحيرة تملكتني في تصنيف هذا المبحث، فالغجر يميلون إلى المحو والنسيان. والكتابة تدوين وتذكير، وإذا كانت الملل البشرية قد قدّست مدوناتها المثيولوجية، فإننا لا نجد لدى الغجر نصا مقدسا، ولا حكاية مركزية تمجد الأجداد والجدات. لكننا نجد سلوكيات وقيما وعادات وتقاليد مشتركة، تشكل نمط عيش مقدس عندهم، تحرسه “لعنة خفية” أو “نعمة مقدسة” لا ندرك سرّها، لكننا نحاول أن نستشف أيقوناتها الخفية عبر أشعار وحكايات شفوية متحركة عابرة للزمان والمكان، لا تكللها هالة من القداسة، ولا يؤبدها التدوين. لكنها تعبر عن عواطفهم ومخاوفهم، هواجسهم وآلامهم، أحزانهم وأفراحهم، مراثيهم وفلسفتهم..
[أغنية:
الأرض خفيفة تحت قدمي
الزهرة تتمايل مثقلة بجذورها
أنا غجرية بلا جذور..
كالسراب أعبر القفار
على الطرق البعيدة
تحت الشمس
سرابا أصير
عتابا:
عندما تغيب الشمس عن خيامنا
تأوي الطيور لأعشاشها
النملة تدخل إلى مسكنها
قرب الطريق
يعلو صرير الجداجد بحثاً عن الحُب
لا يزعجها صوت الحافلات العابرة
في خيمتي
أنا والقمل لا ننام
نشيد:
الغجريات يسرحن تحت المطر
سبعا أو ثمانيا ليكسبن المال
المال ليسكر الرجال
الرجال يرفعون الكأس
سبعا أو ثمانيا في صحة النساء
إنها تمطر
الغجر يشربون سبعا أو ثمانيا
وينسون غيظهم من النساء
توقف المطر
النساء يسرحن في ضوء القمر
ليؤججن غيظ الرجال]
عندما نقارن بين هذه النصوص سواء كانت شعرا منثورا، أو سردا مسجوعا، نجد فيها إبداعا شفويا يتعمد الإيهام، أو يشكك بواقعية الحدث، أو السخرية من اللحظة الدرامية المعاشة.. وإذا كنا (نحن أحفاد قابيل) نجتهد في تدعيم نصوصنا بالحجج والبراهين والتدوين والتأويل والتقديس، فإن الغجر (أحفاد هابيل) يرسمون أنهارا من السراب للتضليل والمحو والتنصل من التأويل والسخرية من التفسير، وكأن الراوي يتعمد تحطيم هالة القداسة عن كل قول، ويرمي بسردياته وأشعاره في سلّة الإمتاع والمؤانسة!
مملكة الحب والنسيان
كان وسيكون يا من تسمعون.. كانت لنا مملكة، وكانت لنا حكاية مقدّسة، لكن ملكتنا طواها النسيان، وحكايتنا لم يُأبّدها الرواة.
في مملكتنا كان يستيقظ الإنسان طفلا وليدا يكبر مع ارتفاع الشمس في السماء. في المساء يشيخ، وعندما يخيم الليل يموت. وفي اليوم التالي يستيقظ طفلا جديدا.
كنا سادة الأرض. كنا ملوك السلام، وسادة الكلام. الزهور تبتسم لنا، والفراشات تردد أهازيجنا.. كانت الطيور ركائبنا، نسرجها كالخيول. الصقور تحمل متاعنا إلى أعالي الجبال، وفوق الغيم كانت النسور تجر عرباتنا المزركشة، فترسم مواكبنا قطعانا من الظل على العشب الأخضر.
كان ياما كان وتشقلب الزمان. كان ياما كان وانقلبت الأمور.. انتصر علينا أحفاد قابيل، صاروا هم سادة الأرض وعبيدها. وصرنا نحن ملوك الطرقات، في عين الشمس الراعية نسير، بعيدا عن صقيع التملك والتجبر نصبنا خيامنا. فوهبتنا عين السماء سرّ السراب، وهمست لنا الأرض: كل شيء تراب.
نحن أحفاد هابيل المنسيين. أبناء الحكاية الغائبة. عشاق الشمس، القابضون على سرّ السراب. كانوا يكشّوننا كالذباب، وكنا نراهم يتيهون في السراب.
ارتضينا الرضا، وعشنا ليومنا. كنا نرى أحفاد قابيل وهم ينتفخون بالجشع والغرور والافتراء والكذب والحسد. فاستعرت الحروب، وتفشى الخوف والفقر والمرض، وما عاد الربيع يُطيّر الفراشات.]
أفكّر بأن أسير على نهجهم فأخترع حكاية تجعل لهابيل سلالة ممتدة توالدت من لقاء عابر بين هابيل وجنية تائهة في المراعي..
ولم لا، ألم ينكر العالم (مريم المجدلية) قرونا طويلة؟
هل أسميها (حكاية السراب) حيث لا شيء ثابت أو أكيد؟..
الأكيد أن الغجر يضعون الباحث في شؤونهم أمام سراب متاهتهم الخاصة، ويغرونه في الإبحار عبر الرمال.
وبعد
لقد قدمت قراءتي الخاصة للحالة الغجرية هنا مستفيداً من نهجهم السرابي في التضليل والمحو والتنصل، وقدمت نصوصا فصيحة، تحاول أن ترمي ظلّها على الواقع، محاولة كشف ينابيع هذا السراب الغجري. وحاولت أن أقترح مدونة لــــ (قانون الغجر)، لملمت عناصرها من تركمان ونَوَر يخيمون شرق قريتي حوارة. ومن نور يمتهنون الونس، وإقامة الأفراح، والرقص قي الملاهي، مستقرين في قويسمة عمان. ومن غجر يمتهنون التسول وبيع النظارات والأحزمة والبالونات عند الإشارات الضوئية في إربد. ومن قارئات الكف وراميات الودع، بائعات البخت المنتشرات في المتنزهات والحدائق العامة. ومن تركمان مسنين يجيدون نقر الدفوف والعزف على الربابة. ومن “حكماء” الغجر عرفاء المخيمات. ومن صديقات وأصدقاء باحوا لي ببعض أسرارهم. فصغته على الشكل التالي:
[*لا تبق في الماضي. لا تحلم بالمستقبل. لا تتعب نفسك إلا ليومك. انس الوقت تصير حرا.
*الروح تفسد إذا ربطتها في مكان واحد. كن دائما مستعدا للرحيل. تخفف من كل ما يعيقك. ما تملكه يملكك. أينما رمت بك المقادير تأقلم مع ظرفك. البقاء للأقدر على التأقلم.
*النار والماء والطعام والجنس مشاع بين الغجر. النجاة في أن تغفر كل شيء. الحياد درع لا يهزم.
*اختر المهنة التي تجعلك رئيس نفسك. لا تسرق حيث يمكن أن تشحد. لا تشحد حيث يمكنك أن تعمل. لا تجعل العمل يكبلك. الطمع يفسد النفس. الرضى هو الغنى.
*لا تقبل العوض عن خسارة. لا شيء يعوضك الخسارة. ابحث عن السعادة. خذ ما تشتهيه الآن. لا تفكّر فيما تحتاجه غدا.
*لا تطرح الأسئلة على نفسك. لا تفكّر بأخطائك. لا تحمل همومك إلى مخدتك. اصح نشيطاً وامض خفيفا.
*المتعة ضالة الغجري أنّى وجدها قطفها. استمتع بكل حواسك. ما تتذوق وما تشم وما تلمس وما تسمع وما ترى هو أنت. كن سيد حواسك.
*غنّ تسمعك السماء. ارقص تفرح بك الأرض.
*التغيير ليس مؤلماً. مقاومة التغيير هو ما يجلب الألم.
*الحياة أن تعيش بسيطا. أن تموت وعلى شفتيك ابتسامة.]
هل أقول بأني أبدعتها؟
هذا ادعاء ليس صحيحا،
لقد سمعت بعض هذه التعليمات تصدر مباشرة من غجريات وغجر في أماكن مختلفة ومخيمات متباعدة، وصغت بعضها اعتمادا على الملاحظة والمقارنة والمقاربة، وهذا يسري على النصوص المدونة في هذا البحث، فهي نصوص لها أصولها المتداولة عندهم، وغير المفهومة عندنا، فقدمت وأخرت وأضفت في محاولة للتواصل والتوصيل، فلم أعد أميز المنقول عن المنحول. لكني التزمت بروح النص ما استطعت إلى ذلك سبيلا. حيث لاحظت أن حكايات الغجر وأشعارهم متداخلة بعضها ببعض. بحيث يصعب التصنيف أحيانا كثيرة..
(أمي تبكي بصمت.
أصدقائي هناك. رباباتهم تحت آباطهم..
وعلى مقام الرست ينشدون:
(الناس لو تسألني عنك شرد أجاوبهم ش قول)
بناتي يبكين:
(بعدك يا بوي العين ذبلانة.. بعدك يا بوي الروح عطشانة)
ينفش ريشه ذاك الذي لا أحبه، ويمدحني باكيا:
(أي رجل جميل كنت يا صديقي. أية مسافات طويلة طويت أية جبال عصية صعدت
أية أشعار عظيمة غنيت أية موسيقى مذهلة عزفت
من يستطيع ذلك؟
لا الريح بين الأغصان. لا الغيم السارح ولا المطر الناعم على الورق اليابس يستطيع.
مثلك يا صديقي لا يوجد من يساهر القمر)
زوجاتي يذرفن الدموع الغزيرة:
(واي عليك واي.. واي يا بو العيال واي.. يا غالي واي.. يواي واي يا ويل حالي)
حتى نارة التي لا تعرفون أنها عشيقتي.
تنفل شعرها عند قبري:
(باي عليك باي يا ضو سراجي.. ليش رحت وتركت للبرد فراشي)
يزاحمها المغنون وبناتي النائحات.
زوجاتي المتشحات بالسواد يطردنها
تومئُ أمي لها بحنان. تحضن رأسها
ابك يا نارة. ابك يا غالية..
فأنت وحدك تعرفين أي رجل فقدت]
هذه النصوص التائهة بين الشكل السردي والإيقاع الشعري، تتفلت من يقينها، وتهوّم في فضائها الحر مثل أرواحهم.
هم يدّعون بأنها نصوص للتسلية وتزجية الوقت، ولكنها صور من حياتهم اليومية، تخفي في طياتها رؤيتهم البوهيمية للحياة. وتوقهم للانعتاق من كل قيد، والفرار من أي إطار.
الكاتب
أستطيع القول أن النصوص التي اطلعت عليها أو سمعتها، سواء كانت شعرا منثورا، أو نثرا مسجوعا، أو ايقاعا مجردا تدعمه لغة الجسد لو دونتها كما هي، لبدت كالسراب، ولظنها القارئ طلاسم سحرية، (كيف لي أن أخترع أبجديتها، وأسلوب نطق الكلمات).. فكان لا بد من محاولة استدراج هذا السديم إلى مدونات قابلة للدرس والتحليل، والنقض والتمحيص في محاولة لتكثيف الحالة الغجرية، والنفاذ إلى ما ورائها، واستبطان ما خفي من أفكار خلف لغتهم البدائية المحملة بالنوايا والأسرار، ومحاولة لترجمة سلوكياتهم المرتجلة، وتكراراتهم الطقسية التي تشي بمكنونات العقل الباطن. لكنه عمل أشبه بالترجمة، والتصحيف، والتحقيق، وإعادة التحرير، التي ديدنها خيانة الأصل، لذا لا مناص من إثبات هذه الإشارة: داخل كل كاتب هناك راوٍ ومستمع، مبدع وناقد، مجتهد وناقل، ممثل ومتفرج.. ويحدث أن تختلط الأدوار..
كيف لي أن أنقل لكم مشاعر الطفلة خواتم وهب تخطف تفاحة كبيرة لامعة وتهرب راكضة إلى مخيمها البعيد؟
(يدي المرتجفة خطفت تفاحة لامعة،
وهربت
ركض ورائي: البائع، والسائق، والمتسكع
الطالب الجامعي، وبائع الترمس
ماسح الأحذية، وعامل البلدية
إسفلت الشارع يركض أيضا
وصلت خيمتي
أكلت تفاحتي، ونمت)
ليتني ذلك الولد الغجري الذي يعزف أصعب الألحان بواسطة وترين مشدودين على علبة صفيح. فلكي أكتب عنهم، لا بد من أن أكون واحدا منهم، في المتاهة ذاتها، والثقافة عينها. فالثقافة سلوك، ونمط عيش، وأسلوب تواصل، وليست امتيازا للنخب.
المراجع
= الأبجديات الثلاث/ اللغة والعدد والرمز/ تأليف كلاريس هيرنيشميت/ ترجمة د جمال شحيت/ هيئة البحرين للثقافة والفنون/ المنامة 2016 م.
= الغجر أبناء الأسطورة/ حنا عبود/ مقالة في جريدة الاتحاد الإماراتية / ابوظبي/ 13/12/ 2014م.
= (الأمنيات الثلاث) و(صانع الساعات)/ جمعها فرانسيس غروم / ترجمة يوسف رخا / دار كلمة / أبو ظبي/ 2009م.
= هانزيكون فويكت/ أغاني الغجر/ ترجمه نامق كامل/ دار المدى/ دمشق/ 2006م.
= الغرباء العرقيون/ وجهات نظر جديدة حول القبائل المتجولة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا/ جوزف بيرلاند/ بريجر ناشرون/ لندن/ 1978 م.
= سيرة الغجر/ ايزابيل فونسيكا / ترجمة عايد اسماعيل/ دار التكوين/ دمشق/ 2006م.
• CUSTOMARY STRANGERS: NEW PERSPECTIVES ON PERIPATETIC PEOPLE IN MIDDLE EAST AFRICA AND ASIA. 1978 (JOSEPH C. BERLAND)
= الشيخ المعلم عبد الكريم غرايبة مفكرا ومؤرخا وانسانا/ مجموعة كتاب/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت/2006م.
= الراي/ الرواد الكبار/ http://alrai.com/article/542481.html/ 1/10/ 2012م.
= تكيف الغجر: دراسة أنثروبولوجية عن الكاولية في العراق: د.حميد الهاشمي/ دار المدى/ بغداد 1995م.
= الحاجة ناعسة: مخيم التركمان/ شرق حوارة/ بجانب سوق الجمعة.
= حميد كيا ورشاد خاشوقا/ حميد نوري يملك حافلة ركاب نوع كيا/ ورشاد خاشوقا من التركمان يملك بكم تويوتا دبل كبين/ وهما متخصصان بنقل النّور وترحيلهم من مخيم إلى آخر.
= تجربتي الشخصية في التعايش مع الغجر.
(1) أقاصيص الغجر الغنائية. (Gypsy Ballads) مجموعة شعرية تعتبر من أفضل الأعمال الشعرية للكاتب الاسباني فيديريكو غارثيا لوركا، التي نشرت في عام 1928
(2) لم اورد النص الاصلي لاني لا أفهم لسان ناعسة، ولم أستطع الإلملم إلا بالإيقاع والحركة وتعابير الوجه، فقام رشاد بالترجمة عن ناعسة، وقمت بالترجمة إلى الفصحى عما نقله لي رشاد.
(3) تمتاز حكايات الغجر بكسر الإيهام أو التشكيك أو التنبيه أنها كذبة منمقة.. حكايات تتفلت من يقينها. ربما لا يريدون للحكاية أن نتصير نصا مقدسا يأسرهم في إطاره.
(4) جنكية وجنكيات وجناكي لفظ بطلق على الغجريات اللاتي يمتهن الرقص في الأفراح في فلسطين والأردن.
(5) https://www.alittihad.ae/article/100546/2014/
(6) المدر:بيوت الطوب او الحجر والطين. الأدم : خيم فاخرة من جلود الجمال.
(7) نبيل عبد الامير الربيعي. ثورة الزط والخليفة المأمون. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=270275&r=0
(8) برنارد دي ماندفيل : هو فيلسوف إنجليزي من أصل هولندي، كان مهتمًا بالفلسفة الأخلاقية بالإضافة إلى اهتمامه بالسياسة والاقتصاد. ولد عام 1670م في مدينة روتردام في هولندا لكنه قضى معظم حياته في إنجلترا، ونشر غالبية أعماله باللغة الإنجليزية. اشهر كتبه “أسطورة النحل”.
(9) يقول المؤرخ عبد الكريم غرايبة في شهادة قدمها في منتدى الرواد الكبار: التاريخ يكتبه البشر حسب أهوائهم. وهو يحرض على الكراهية ويؤجج الحروب. يمجد السلف ويغتاب الأموات. والأصل في المصلحة العامة هو مصلحة الأبناء والأحفاد لا مصلحة الأموات.. http://alrai.com/article/542481.html
(10) هذا نص مقترح من كاتب هذه السطور، سعيا لتأسيس “أسطورة” تدعي أن لهابيل نسل وأحفاد. أو مريدين وأتباع تمثلوا هزيمته ورأوا فيها مالم يره أتباع قابيل؟
(11) ثورة الزط بدأت 201 هجرية في عهد المأمون، بلغت أوجها عام 205 هجرية، قضى عليها أخوه المعتصم سنة 219 هجيرية. ورد في كتاب البلدان لليعقوبي (2 : 472) الزُطّ قوم من الهنود العاملين في السفن التي كانت ترسو في البصرة تكاثروا حتى عُدّوا نحوا من ثلاثين ألفا في بطائح البصرة، ثاروا على الخليفة المأمون وحملوا السلاح وقطعوا الطريق وأخافوا السبيل..
ورد في تاريخ الطبري (9 : 8) : خرجوا إليه (الى المعتصم) في ذي الحجة (219هـ)، وعدتهم سبعة وعشرين ألفا.. ثمّ دفعوهم ثغور الروم ، فأغار الروم عليهم فاجتاحوهم ولم يفلت أحد منهم.
(12) في هبة ثانية لثورات جنوب العراق اطلق عليها المؤرخون تسمية ثورة الزنج (255 – 270هـ / 869 – 883م). ولم يرد أي ذكر للزط/ الغجر في هذه الثورة. هي ثورات المهمشين والمظلومين بغض النظر عن التسميات المجحفة.
(13) جاك غودي باحث في علم الاجتماع والانثروبولوجيا، من كتبه التي ترجمت للعربية: سرقة التاريخ. الإسلام في اوروبا. الشرق والغرب.