“نزق وعاشق أنا” قصيدة للشاعر العراقي ناجي رحيم

Naji Raheem

معكِ أصعدُ سلالم لا يعرفُها بشر،
سلّم إلى روحكِ، سلّم إلى عوالم

*

لن يهدأ وهج هذي الروح أبدا،
في شهقتي تعربدين وأمدّ يدي لأمسك بالهواء

*

لن يخيب جمر كلامي وأنت هنا
بين سطوري تلمعين
سأهديك أغنية تحملُك من هواء المنفضة
تحملك من رماد غضبي، أغنية نسمعها معاً وندخّن

*

راسماً وجهي على حيطان
في هذي الغرفة لن أحيد،
لن أهرع إلى مهرجان ولا أصابعي تكتب حرفا لا يشبهني

*

(وليس في هذا الليلِ غير صَرير أبواب الرأسِ) 1
أجل صديقي
في ساعاتٍ أنتقلُ من بابٍ إلى باب
باب الطفولة يلوح من بعيد، باب الصبا ينأى
بابٌ ينقلني إلى سجنٍ عسكريّ ببابٍ من حديد
(كلّما حرّكه السجّانُ صرّ) 2
أبوابٌ تتبعثرُ في هذه الليلة العانس

*

إلى صوتكِ العسليّ،
إلى سطوع حسّكِ،
إلى شعاعٍ طاغٍ ينبعثُ من عيون نمرة جائعة
روحي تهمّ

*

إليكِ..،
أتحكّم بعاداتي السيّئة ،
ذلك أن كلّ عاداتي سيّئة،
هذا ليس مدعاةً للضحك،
سأضحكُ كثيراً معكِ حينما نلتقي، كما أضحك في غيابكِ،
وكما قد يضحك شوبنهاور وأمّه تقذفه من الطابق العاشر،
كلّ عاداتي تحتفي بكِ، مثل هذي الكأس اليانعة مثل شفتيك

*

أذرع تشير إلى آلهة
كانت أوصال الجثث،،
ضابط تافه يصرخ: ” جمّعوا بسرعة” ،،
لا تعرف أيّ رأس لأيّ ذراع يمتّ، لم يكسرني شئ في حرب الثمانينيات مثل تجميع الجثث، ليست أوصالا، عيون تصرخ بآلهة ، سأعيش أعمارا وأكتب حكايات.. ، في الليالي ألملم راكان، اهبط إلى ملجأ .. راكان يحلّق مع (وحدهن صوتن وعتم الطريق .. يا زماااان) وأسئلة تسافر في عينيه

*

نعم أعترف
بحاجة إلى حبيبة
تمسّد روحي المجنونة
تغنّي معي في نهايات الليل
وفي أوّل الصباح تتركني وحدي أمضغ هذا الوجود

*

سيأتي ندمٌ وآخر
ووجهُكِ يضحكُ في أعلى الرأس كما تضحكُ منّي أحزاني

*

مرّة واحدة ألتقيتك في لاهاي
رحيلك أربكني
عشراتٍ من أرواحٍ أنقل في قلبي
يا حسين الموزاني أفتقد ضحكتك
تستريح على أريكة في مكتبة في يدك كأس نبيذ أحمر،
لم اعتزلت هذي اللعبة، هذي الحياة

*

هل الموت عربة لنقل جثث الحياة،
هل الحياة جثّة ، من ينقل الموت أخيرا؟

*

يمضغون لحم الأيام ويتضاحكون في لزوجة واضحة،
الشطّار في هذا السوق

*

كنتُ سآتيكِ ركضا
حبيبتي التي لا يفصلني عنها سوى محيط واحد وبحر الشمال فقط

*

القبور الّتي حُفِرَت في قلبي لا يكفيها الله

*

إلى سلام صادق

مطمئن بثقةٍ أكيدةٍ مطمئن لأنّك في العالم،،
هذا ينسحبُ على حبيبتي الّتي تنامُ ولا تعرف شيئاً عن هزّاتي،
ينسحبُ على روحِ الأرض وخضّاتِها،
على روح الوجود وألعابها علينا في الوجود

*

مشتعلٌ مزاجي،
يعتلي ويهبط إلى سماوات ..
مشتعلة روحي تفركُ أطيافاً واقفة
مشتعلة أرضي مشتعلة

*

لمْ يُغادرْني نشيجُكِ المكبوت تلك الليلة،
توحّدنا
كما لوأنّ الزمنَ قد تخثّرَ في تلكَ الأنّاتِ الخفيّة
ما أبعدكِ
ما أشهاكِ
ما ألعنكِ
وأنت تُمرّرينَ أصابعَ سحريّةً على ظهري
فأسيحُ ..أسيح
أسيحُ حتّى لأكادُ أتلاشى
مع ذلك
لن أجيبَ على سؤالكِ الدهريّ ذاك
فماذا أكتبُ وأنتِ هي القصيدة

*

بقلبك الصافي أصلّي
أتوضّأ في نهرك المقدّس
في الوادي العميق أصلّي
وعلى عنقك اللاهث أطبع فرات من قبل

*

(تقتات الأيّام من خبز أفئدتنا) 3
يقتاتُ العالم من نقيع أرواحنا، أصابعنا تطرق على خرس، نمشي صاعدين إلى كوارث تجالسنا ( تقتات الأيام من خبز أفئدتنا) فنرجع إلى غرف فيها نخاطب أطياف

*

بكَ الأرضُ تلهو
ستخرج وجبال
سترجع وبحار تخضّ لحظتك
تلهو بكَ الأرضُ يلهو بكَ محيطٌ من أسئلة
نواص وعربدات
ستدير رأسك في الجهات وعلامات عملاقة تمطرك
من أنت و أين أنت؟

*

ليس بعيدا عن وجعي أنا العراقي،
تحترق ذكريات، مدن من ذكريات تحترق.

*

لا ملوك في هذي المجرّة سواي،
ملكٌ من محبّة، أبادر إلى مدّ مجسّات الروح، أحيانا في ثمالتي تطفر مفردات لو تأنيت قليلا معها لحلّقتُ بمليون جناح
نعم، نزقٌ وعاشق أنا

 

 

1 : سطر للمبدع أسعد الجبوري قرأته على الفيس وتفاعلت معه في ذات اللحظة
2: (يْنَ حِيطَانٍ وَبَابٍ مُوصَدٍ, كلَّما حرّكهُ السَّجانُ صَر) للبارودي
3: سطر للشاعرة آمنة حافظ، أيضا قرأته على الفيس وتفاعلت معه في اللحظة

شاعر عراقي
[email protected]

SHARE