
من منا لم يسمع بالثنائي الأمريكي المشهور بوني وكلايد، المعروفان باسميهما الأولين وكأنهما من مشاهير العالم؟ من منا لم يشاهد عنهما فيلما وثائقيا أم هوليوديا يصور مغامراتهم وجرائمهم؟ لكن ما قد لا يعرفه البعض بأن بوني باركر كانت تكتب الشعر، هذه الشابة الجميلة التي اختارت في سن مبكرة أن تترك بلدتها الصغيرة البائسة لتنخرط في عالم المغامرة والإجرام مع كلايد في سنوات القحط التي اجتاحت الولايات المتحدة الإميركية بعد انهيار سوق البورصة في نهاية العشرينيات من القرن المنصرم لتشهد الكثير من المدن التي مرا بها مغامرات السطو المسلح على البنوك والمتاجر الصغيرة علما أن مارفن شقيق كلايد تورط معهم هو وزوجته بلانشيت.
كتبت بوني أغلب اشعارها أثناء ما كانت في السجن لفترة قصيرة، تشيد فيها بشجاعة كلايد وبقوته، وبعدم خوفه من الشرطة.
كانت شرطة تكساس، بل كل شرطة أميركا والـ أف بي آي، كانت مهووسة بالقبض وحتى قتل كلايد وعصابته. ذات مرة شكك بأمرهما في شقة وما أن وصلت الشرطة إلى المكان لكنهما تمكنا من العرب تاركين الكثير من ممتلكاتهما منها كاميرا تحتوي على فيلم وهكذا نشرت صور بوني وكلايد فيها يقفان مسلحين بجانب سيارة كلايد الفورد الفارهة، أو كعاشقين يرتديان الملابس الفاخرة، أيضا صورة لكلايد وهو يحمل بوني (بعد أن كسرت ساقها كان يحملها مثل طفلة صغيرة) أما صورة بوني التي فيها تبدو مثل امراة مسترجلة وخطيرة حيث يتدلى سيجارا من بين شفتيها والسلاح بيدها فهي صورة لا تكشف بوني الحقيقية التي لم تكن تدخن سوى دخان ماركة “الجمل” وبدون فلتر. في الواقع كانت بوني أنثى أنيقة، على الأغلب لم تقتل أحدا، تحلم أحلاما كبيرة منها أن تصبح يوما ما نجمة صاعدة على مسارح برودواي أو شاعرة مرموقة. كثيرة هي الأساطير التي شاعت حول بوني وكلايد بعد أن نشرت صورهما تلك في الجرائد وأصبحا حديث الناس في تلك الفترة وأثارا الكثير من الجدل الإجتماعي في سنوات القحط التي اجتاحت الولايات المتحدة الإميريكية.
كلايد بارو برر جرائمه في كتاباته البسيطة على شكل قصائد والتي لا تخلو من الأخطاء الإملائية “نحن لا نريد أن نقتل، فقط نسرق كيما نعيش” لم يقتل كلايد هو وعصابته إلا مرغمين، تسعة من رجال الشرطة وبعض المدنيين الذين سقطوا قتلى أثناء اطلاق النيران. دخل كلايد السجن عدة مرات في حياته قبل سن العشرين، أولها حينما كان في الخامسة عشرة بعد جنحة سرقة الدجاج.
في شهر مايو – آيار المقبل وفي ولاية تكساس، حيث ولدا وكبرا هذا الثنائي الدموي، بوني وكلايد، وأيضا دفنا، سوف تعرض في المزاد العلني المخطوطات الأصلية لقصائد بوني باركر والتي كتبت بخط يدها، واضح جدا أن الكثير من السطور قد تركت غير مكتملة، ربما خانتها القريحة إذ كانت تكمل كتابتها أثناء ما كانت ترتحل مع كلايد في هروبهما المستمر من السلطات، شعر بوني باركر يتميز بالشفافية وبالنبؤة :
“في الطريق المعتم حيث تنعدم الرؤية،
الرجال سوف يتقاتلون،
أما أنت فاعمل ما بوسعك كيما تبقى حرا.
….
ذات يوم سوف يسقطان معا ويدفنان جنبا إلى جنب، البعض سوف يحزن، أما السلطات فسوف ترتاح،
المنية سوف تطال منهما، بوني وكلايد”
نهاية هذا الثنائي الذي دوّخ أميركا جاءت بعدما نصبت السلطات كمينا في أحراش ولاية لويزيانا وبدلا من أن تقبض الشرطة عليهما، سقط بوني وكلايد برصاص البوليس وكأنهما روميو وجولييت، كانت بوني في عمر الخامسة والعشرين كلايد كان في السابعة والعشرين.
مارفن بارو شقيق كلايد الأكبر مات إثر اصابته بعد أيام قليلة من تلك الحادثة والتي وقعت في يوم الثالث والعشرين من شهر مايو آيار 1934 أما زوجته بلانشيت فهي الوحيدة التي عاشت من العصابة، زج بها في السجن لمدة عشر سنوات، هناك دونت سيرتها الذاتية عن حياتها مع بوني وكلايد، أيضا احتفظت بقصائد بوني باركر حيث ستعرض للبيع في المزاد.
ليلى القصراني
كاتبة عراقية تقيم في شيكاغو
layla.qas[email protected]