
بُرْجُ الجَدْيِ
دِيسَمْبَرُ وأشْرِبَةُ الكُحُولِ الحَمْرَاءُ
لمْ يَجْلُبَا إلَى نَافِذَتِي زَغَبَ النِّسْيَانِ.
الآنَ يُؤَجِّجَانِ فِيَّ
رَغْبَةَ الإقَامَةِ فِي الأقَالِيمِ
البَيْضَاء والبَلهَاء للغَبِيِّ
رَغْبَةَ أنْ أصِيرَ شَحَّاذاً فِي النِّيبَالِ
ناظِماً لِلْخَرَزِ فِي غْوَاتِيمَالا القَدِيمَةِ.
رَغْبَةَ الاسْتِلْقَاءِ ما بَيْنَ الأعْشَابِ.
أفَكِّرُ فِي أفْضَلِ رِجَالَاتِ بِلَادِي
أولئِكَ الَّذِينَ رَاهَنُوا بِحَيَوَاتِهِمْ
عَلَى التُّخُومِ وعَلَى حَافَةِ الهَاوِيَةِ
فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا السُّجُونُ مَأهُولَةً
بِشَكْلٍ أفْضَلَ مِنْ قَاعَاتِ الرَّقْصِ النَّظِيفَةِ.
الذُّبَابُ الَّذِي يَطِنُّ حَوْلَ حُلمِي
أوْ فَوْقَ الوَرَقِ الأبْيَضِ
حَيْثُ يَرْسُمُ كتابَةً بِخَطٍّ غَامِضٍ
ولا يَسْتَدْعِي مَشَاهِدَ طَبِيعِيَّة هَادِئَةٍ.
دِيسَمْبَرُ وأشْرِبَةُ الكُحُولِ الحَمْرَاءُ
لمْ يَجْلُبَا إلَى نَافِذَتِي زَغَبَ النِّسْيَانِ.
مَحَطَّاتٌ
الرَّجُلُ الَّذِي أشَارَ إلى الطَّائِرِ أثْنَاءَ تَحْلِيقِهِ
لمْ يَعُدْ مَوْجُوداً
ولا يَدُهُ الخَشِنَةُ وَهِيَ تُمْسكُ قَبْضَةَ
المُسَدَّسِ.
وَلا حَتَّى الطَّائِرُ وَهُوَ يَسْقُطُ بَيْنَ المُرُوجِ.
ولا القُبْلَةُ، الْتِقَاءُ الفَمَيْنِ عَلَى الدُّرْجِ الأخِيرِ
لِلسُّلَّمِ.
ولا حَتَّى السُّلَّمُ الحَلزُونِيُّ
وهُوَ يَصْعَدُ مثل حِلْيَةٍ لَوْلَبِيَّةٍ مِنْ خَشَبٍ نَحْوَ
الشُّرْفَةِ.
ولا الشُّرْفَةُ حَيْثُ كُنْتَ تَحْلُمُ فِي بِدْلَتِكَ
مِنَ الكَتَّانِ.
لا تُوجَدُ المَرْأةُ
التِي كَانَتْ تَتَذوَّقُ حبَّاتِ البَرْقُوقِ المُتَلَقَّفَةِ،
ولا غَضَبَ الفَارِسِ خَلْفَهَا عَلَى صَهْوَةِ فَرَسِهِ
ولا الفَرَسُ مِثْل رِيحٍ مُنْغَلِقَةٍ فِي
شَعْرِهَا.
وَعِنْدَ حُلُولِ اللَّحْظَةِ، وقَدْ لامَسَتْنَا أصَابِعُ
الفَرَاغِ،
مَا الفَرْقُ عَمَّا لمْ يكنْ قَطُّ مَوْجُوداً؟
صَبِيَّةٌ
إلى ماريا إيزابيل
“الضفة الثالثة …”
غيماريش روزا
صَبِيَّةٌ تُسْنِدُ طَرَفاً آخَرَ مِنَ المَسَافَةِ، أمْضِي إلَى ليْلِهَا
مِنَ الضِّفَّةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ ضِفَّةُ الحُبِّ.
فِي تِلْكَ الضِّفَّةِ أزُورُ حَدَائِقَ سِرِّيَّةً: الزَّهْرَةُ اللَّيْلِيَّةُ الَّتِي أسْقِيهَا
مِنْ تَحْتِ تَنُّورَتِهَا، السُّحْلُبِيَّةُ السَّوْدَاءُ الَّتِي تَنْمُو فِي الشَّقِّ
بَيْنَ فَخِذيْهَا.
صَبِيَّةٌ يَتَدَفَّقُ اللَّيلُ مِنْ بَيْنِ سَاقَيْهَا المُنْفَرِجَتَيْنِ، ألِجُ
غِيلَهَا مِثْلَ المِفْتَاحِ فِي القُفْلِ، لِأُطِلَّ مُجَدَّداً
عَلَى العَالَمِ الآخَرِ.
لا تَسْألُونِي كَلِمَةَ السِّرِّ، المِفْتَاحَ الَّذِي يَفْتَحُ الكَهْفَ
لِصَمْتِهَا، سِمْسِمَ قَلْبِهَا. ليْسَ ثَمَّةَ كَلِمَةٌ تُسَمِّي
هَذَا الوَهَجَ.
صَلَاةٌ لِإلَهِ الرَّيْبَةِ
أكثَر مِنَ الإيمَانِ، أعْطِنِي أمْتِعَةَ سَفَرِ رَيْبَاتٍ.
فَهِيَ جِسْرِي وَرَافِدِي وَتَمَوُّجَاتِي.
أقْبِلْ عَلَيْنَا مَمْلَكَةَ المَجْهُولِ.
أبْقِ فِي قَلَقِ حَقَائِقِي،
مُتَخَيَّلَةً، مَيِّتَةً وَدَفِينَةً
عَلَى مَنَاسِجِ النِّسْيَانِ. خُذْنِي
عَبْرَ الرِّمَالِ المُتَحَرِّكَةِ،
امْنَحْنِي أنْ ألْتَهِمَ خُطَةَ الهَزِيمَةِ،
أنْ أشْرَبَ مَاءَ الصَّمْت.
ليْسَ ثمَّةَ عَمَلِيَّاتُ نَصْبٍ ولا تحايُلاتٌ:
أنَا جَرِيحٌ وأنَا حَامِلُ نَقَّالَتِي.
فليَكُنِ اليَقِينُ قصْراً مِنْ ثَلْجٍ
لأولَئِكَ الَّذِينَ يَحَاصِرُهُم شَخْصٌ مَا بِالنَّارِ.
يَا إِلَهَ الرَّيْبَةِ، إنْ كُنْتَ مَوْجُوداً،
فاسْتَمِعْ لِصَلَاةِ الزِّنْدِيقِ.
قَارِئُ دُكَّانِ التِّبْغِ
إلى ألبرتو رودريغيث توسكا
بَدَلَ قَصِيدَةٍ،
سَوفَ تَمْضِي هَذِهِ البِطَاقَةُ البَرِيدِيَةُ الَّتِي تَحْمِلُ
طَابَعَ بَرِيدِ اللَّيْلِ، الوَطَنَ المَرِّيخِيَّ الآخَرَ.
بَيْنَ أُنَاسِ بِلَادِكَ
أُفَكِّرُ فِي قُرَّاءِ دُكَّانِ التِّبْغِ.
يَقْرَؤُونَ كُتُباً مُرْهَقَةً بِصَوْتٍ عَالٍ
حَتَّى إنَّهُمْ يَتْرُكُونَ صَمْتَ العُمَّالِ يَتَطَايَرُ
بَيْنَمَا يُحَوِّلُونَ السَّاعَاتِ إلَى سِيجَارَاتٍ،
مِثْلَ هَذَا الَّذِي يُدَخِّنُ عَلَى مَائِدَتِي.
الرَّجُلُ يَقرَأُ
والمُسْتَمِعُونَ يَقْرَعُونَ الخَشَبَ أمَامَ ذَلِكَ المَشْهَدِ
حَيْثُ شَخْصٌ مَا يَنْجُو مِنِ ابْتِلاعِ نَمِرٍ لَهُ.
إنْ يَكُنْ فَفِي فُرْصَةٍ أخْرَى، مَادَامَ لمْ تَكُنْ لَدَيَّ قَطُّ مِهْنَةٌ مُحَدَّدَةٌ،
فليَمْنَحُونِي فُرْصَةَ أنْ أخْتَارَ،
أوَدُّ أنْ أقُولَ إنِّي أوَدُّ أنْ أصِيرَ قَارِئَ دُكَّانِ تِبْغٍ.
يَطْفُو الصَّوْتُ وَيَطْفُو، مِثْلَ دُخَّانٍ فِي الذِّكْرَى.
أمْثولَةُ الفَلاة
بَعْدَ مُلاحَقَةِ
المُتَنَزِّهِينَ
الَّذِينَ لمْ يَكُنْ لدَيْهِمْ
وَقْتٌ لِلاسْتِمَاعِ إلَيْهِ،
جَلَبَ
الرَّجُلُ مِنَ العَلِيَّةِ
الكُرْسِيَ
القَدِيمَ لِلعَائِلَةِ.
أخْرَجَ مِنْ جَيْبِ مِعْطَفِهِ
دفْتَراً مُسْتَعْمَلا
فِي الغُرَفِ الخَلْفِيَّةِ لِلدَّكَاكِينِ وفِي مَخَازِنِ الغِلالِ،
سوَّى بِشَكْلٍ جَيِّدٍ نَظَّارَتَهُ
وَسَطَ الزَّرِيبَةِ.
القَصَائِدُ الَّتِي قَرَأهَا
لِقَطِيعِ الخَنَازِيرِ
كَانَتْ تَتَحَدَّثُ عَنِ الآلِهَةِ.
سَاحَةُ ألِكسَنْدر وَكآبَاتٌ قَدِيمَةٌ أخْرَى
إلى خورخي أبيلا، في برلين،
بعد 20 سنة من اللقاء الأخير.
بَعْدُ لا يَزَالُ هُنَاكَ جِدَارٌ لامَرْئِيٌّ،
جِرَاحٌ فِي الهَوَاءِ،
شَظَايَا حُزْنٍ شَرِسٍ.
عَبَرْنَا حَدِيقَةً. الرِّيحُ اللَّيْلِيَّةُ
تُهَدْهُدُ أرْجُوحَةٍ
حَيْثُ اللا أحَدُ يَتَأرْجَحُ
اهْتِزَازُ أرْجُوحَةٍ فَارِغَةٍ
يُمْكِنُ أنْ يَكُونُ اسْتِعَادَةَ الطِّفْلِ الَّذِي كُنَّاهُ
وَقَدْ فُوجِئَ بِزِيَارَةٍ فِي غَيْرِ أوَانِهَا.
ثَلاثُ فَتَيَاتٍ بِرْلِينِيَاتٍ جَمِيلَاتٍ
غْرِيتِيل، إِيلْسِي وَنِيللي،
يَجْلِسْنَ عَلَى مَقْعَدٍ بِانْتِظَارِ القِطَارِ
ويَضْحَكْنَ خَلْفَ زُجَاجَاتٍ كَبِيرَةٍ مِنَ البِيرَةِ.
في سَاحَةِ ألكْسَنْدرَ،
سَهْلٌ مُنْبَسِطٌ قلِيلُ البَهَاءِ، بَارِدٌ مِثْلَ حَرْبَةٍ،
يَنْبَثِقُ مِنْ طَاوِلَةِ دُوبْلِنَ
وَشُبَيْكَتِهِ السِّرِّيَّةِ.
نَمْضِي مِنْ سَاحَةِ ألكْسَنْدَرَ إلَى الصَّمْتِ،
مِنْ السِّكَكِ الحَدِيدِيَّة لِمَحَطَّةِ حَدِيقَةِ الحَيَوَانَاتِ
إلَى مَقْهىً مِنَ المَاضِي. نَسْتَحْضِرُ
صَدِيقَيْنِ قَدِيمَيْنِ لمْ يُشَاهِدَا بَعْضَهُمَا مُنْذُ 20 عَاماً،
المَدِينَةَ مِنْ حَجَرِ السُّنْبَاذَجِ
والتِي تَتَكَوَّرُ فِي هَضَبَةٍ مِنَ الأنْدِيزِ.
حِينَئِذٍ، صَاخِبَيْنِ وَشَرِسَيْنِ،
كُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا وَتَجَادَلْنَا حَتَّى رَمَادِ اللَّيْلِ.
كُنَّا جَمَاعَةً مِنْ نَافِذِي الصَّبْرِ
كَانَتْ تَعْتَقِدُ أنَّ المُسْتَحِيلَ مُمْكِنٌ
حَدَّ تَحْوِيلِ الكَلِمَةِ إلَى جَذَوَاتٍ
بَيْنَمَا كَانَتْ سَمَاءُ بُوغُوتَا تُعِدُّ
بِتَكَتُّمِ قِطٍّ مَعْرَكَةَ الصَّبَاحِ.
المُضِيُّ عَبْرَ سَاحَةِ ألِكْسَنْدَرَ
وَفِي الآنِ نَفْسِهِ تَذَكُّرُ مَدِينَةٍ
قدِ اِلتَهَمَتْ كُلَّ ليْلَةٍ خَطَوَاتِنَا،
ذلكَ مِثْلُ أنْ تُغَيِّرَ الصَّفْحَةَ أوِ الكِتَابَ،
الرُّوزْنَامَةَ أوِ النَّافِذَةَ. فِي الأعْلَى،
تَبْدُو سَمَاءُ بِرْلِينَ مُرَصَّعَةٌ بِالنُّجُومِ
مِثْل أنْ أحْمِلَ فُتَاتاً مِنْ بَلَدِي الأمِّ
فِي جُيُوبِ مِعْطَفِي، دُونَ أنْ أعْلَمَ ذَلِكَ.
مَشْهَدٌ مَعَ الشَّحَّاذِينَ
يَتَسَاءَلُ النَّاسُ الطَّيِّبُونَ
لِمَاذا يُقْحِمُ الشَّحَّاذُونَ
بَيْنَ عُيُونِهِمْ وَالزِّنْبَقِ
مَزِيجَ أسْمَالِهِمْ؟ إذَا لمْ يَكُونُوا قَدْ تَلَقَّوْا
حِصَّتَهُمْ مِنَ المَنِّ فبِسَبَبِ عَادَتِهِمُ الشَّرِسَةُ
فِي تَقْرِيحِ المَشْهَدِ الطَّبِيعِيِّ وَالنَّظْرَةِ.
الشَّحَّاذُونَ أقْدَمُ مِنْ مِهْنَتِهِمْ،
يَأتُونَ مِنَ الدَّيَامِيسِ القَدِيمَةِ
أوْ مِنْ كَاتِدْرَائِيَاتٍ سَحِيقَةٍ تَرْفَعُ قِبَابَهَا
بَيْنَ مَلاجِئَ وَمُسْتَشْفَيَاتٍ.
عِنْدَمَا يَعْبُرُونَ يَجْرَحُونَ المَشْهَدَ وَيَجْعَلُونَهُ عَلِيلًا
وَيَفْتَحُ النَّاسُ الطَّرِيقَ
كَمَا لوْ أنَّهُمْ يَشُقُّونَ البَحْرَ إلَى جُزْأيْنِ
يُخَضِّبُونَهُ بِالشَّتَائِمِ وَالخَسَائِرِ.
مَوْكِبٌ الرَّائِحَةِ وَمَوْكِبٌ الكِلابِ
يَمْضِيَانِ خَلْفَ جَحَافِلَ بَائِسَةٍ. عُمَدُ المُدُنِ
يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ بِعُيُونٍ سَيَّالَةٍ
بَيْنَمَا هُمْ يُحَرِّكُونَ بِمَلاعِقِهِمْ حِسَاءً كَثِيفاً مِثْلَ حُمَمِ البَرَاكِينِ.
وَيَبْحَثُ عَنْهُمُ الكَهَنَةُ كَغِذَاءٍ
لِمَمْلَكَةٍ مِنْ عَالَمٍ آخَرَ
وَيَصِفُونَ لهُمْ مَحَاجِرَ الجَحِيمِ،
حَتَّى وإنْ بَدَتْ مَأهُولَةً دَائِمًا وأبَداً.
هُمْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، مِنْ بِلادٍ أخْرَى،
الشَّحَّاذُونَ غُرَبَاءُ مُعْتِمُونَ
يَعِيشُونَ فِي الحُدُودِ اللامَرْئِيَّةِ لِلُّغَةِ.
بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ قِطْعَةٌ نَقْدِيَّةٌ تَسْخَرُ مِنَّا،
تِجَارَةٌ مُعْتِمَةٌ مِنَ العَوَزِ
خَلْفَ مَتْجَرِ الخَرَزِ لأحَدِ أقْرِبَاءِ الرَّبِّ.
أيَّامُ العُطَلِ والأعْيَادِ يَتَقَصَّوْنَ السُّفُنَ الشَّبَحِيَّةَ:
لا يَجِدُونَ أحَداً يمُدُّونَ إليْهِ المَضَاجِعَ أو القِصَعَ
فيُكَدِّسُونَ فَقَطْ فُتَاتَ المُعْجِزَةِ فِي البَاحَاتِ.
شَيْءٌ مَا مِنَ الفَزَّاعَاتِ يُوجَدُ فِي مِهْنَتِهِمْ،
وشَيْءٌ مَا مِنَ التَّصَقُّرِ فِي عُيُونِهِمْ،
فِي طَرِيقَةِ نَظَرِهِمْ خُبْزُ الحَمَامِ.
قَالَ لِي رَجُلٌ ثَمِلٌ وَمَكْرُوبٌ عِنْدَ الخُرُوجِ مِنَ البَارِ:
بِإمْكَانِهِمْ أنْ يُرْسِلُوهُمْ إلَى الحَرْبِ، أن يَسْتَعْمِلُوهُمْ كَمَتَارِيسَ.
الشَّحَّاذُونَ لا يَعْرِفُونَ إلَى أيْنَ يَذْهَبُونَ
عِنْدَمَا يَأمُرُونَنَا بِأنْ نَجْعَلَ الظِّلَالَ المُثْخَنَةَ بالجِرَاحِ تُعَسْكِرُ فِي الثَّكَنَاتِ.
المُرْشِدُونَ السِّيَّاحِيُّونَ، لِكَيْ لا يُزْعِجُوا المُسَافِرِينَ،
يُنَبِّهُونَ بِأنَّهُمْ مُمَثِّلُونَ مُوَزَّعُو الأدْوَارِ
فِي فِيلْمٍ يُصَوِّرُونَهُ بِالشَّوَارِعِ.
رُبَّمَا جَاؤُوا مِنْ حُلْمٍ مُفْزِعٍ، مِنْ مَصْنَعٍ،
مِنْ رَصِيفِ مِينَاءٍ، مِنْ مَنْجَمٍ، مِنْ بَيْتٍ مُغْتَصَبٍ.
مِنَ الحُلْمِ المُفْزِعِ يَجْلُبُونَ النَّظْرَةَ الفَظَّةَ لِمَنْ يَفِرُّ،
وَمِنَ المَصْنَعِ يَحْتَفِظُونَ بِألْوَانِ سَجِينٍ،
مِنْ رَصِيفِ المِينَاءِ تَحَدُّبَ حَمْلِ حَزْمَاتِ العَدَمِ،
مِنَ المَنْجَمِ عُيُوناً قَاسِيَةً وَمُعَرْبِدَةً،
مِنَ البَيْتِ المُغْتَصَبِ صَدىً آتِياً مِنْ أرْضِ لا أحَد.
الاسْتِهْزَاءُ وَالتَّهَكُّمُ، كَلْبَانِ وَفِيَّانِ، مُصَاحِبَانِ لَهُمْ.
صَلاةٌ مُضادَّةٌ
(نداءٌ لِلشُّعَراءِ)
حَتَّى وإنْ وَهَبْتَنِي اللِّسَان
وكِيَاسَةَ المَلِكِ سُليْمَان
حَتَّى وإنْ أمْلَيْتَ عَلَيَّ غِنَاءً سَاحِراً
يَرْوِي شِفَاهَ أحَدَ المُؤَابيِّينَ
حَتَّى وإنْ تلقيْتَ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ هِبَةً،
ولا حَتَّى مِنْ أجْلِ حِصَانٍ أسْوَدَ
يَبْتَلُّ في المَطَرِ
ويَقْرَعُ حَوَافِرَهُ تَحْتَ سَمَاءٍ مِنْ شُجَيْرَاتِ الزَّيْتُونِ،
لا لأجْلِ كَرَامَةِ الرِّيحِ
أوْ سَيِّدٍ عَظِيمٍ فِي مَزَارِعِ الكُرُومِ بِبَالَ.
ولا حَتَّى مُقابِلَ تِجَارَةٍ رَائِجَةٍ
لِبَرَامِيلَ مِنَ الخُمُورِ أو غَابَاتِ الشَّذَا
سَأتَوَصَّلُ يَا سَيِّدِي إلى اسْتِيعَابِ
أنَّهُ بِلُغَةِ جُونْ دَان،
اللُّغَةِ نَفْسِهَا لِنَجْلِك وِلْيَام بْلِيك،
مَا زَالَتْ تَصْدُرُ الأوَامِرُ باقْتِرَافِ المَذَابِحِ.
شِعْرِيَّة
بَعْدَ أنْ تَكْتُبَ عَلَى الوَرَقِ
كَلِمَةَ قيُّوط،
عَلَيْكَ أنْ تَحْرُسَ
على ألَّا َسْتَحْوِذَ تِلْكَ الكَلِمَةَ
المُفْتَرِسَةَ عَلَى الصَّفْحَةِ،
وألَّا تَسْتَطِيعَ التَّخَفِّي
وَرَاءَ كَلِمَةِ الأبْنُوسِ
مُنْتَظِرَةً أنْ تَمُرَّ كَلِمَةُ أرْنَبٍ فَتُدَمِّرَهَا.
لِتَجَنُّبِ ذَلِكَ،
وَلإطْلَاقِ أصْوَاتِ التَّحْذِيرِ
فِي اللَّحْظَةِ الَّتِي يُعِدُّ فِيهَا
القَيُّوطُ خِلْسَةً كَمِينَهُ
يَنْصَحُ بَعْضُ المُعَلِّمِينَ القُدَامَى
مِمَّنْ خَبِرُوا تَعَاوِيذَ اللُّغَةِ
بِرَسْمِ كَلِمَةِ عُودِ الكِبْرِيتِ،
وَحَكِّهَا بِكَلِمَةِ حَجَرٍ
وَإشْعَالِ
كَلِمَةِ نَارٍ لإبْعَادِهِ.
لَيْسَ ثمَّةَ قيُّوطٌ ولا ابْنُ آوَى،
ليْسَ ثمَّةَ ضَبُعٌ ولا جَغْوَار،
ليَسَ ثمَّة كوجَرٌ ولا ذِئْبٌ لا يَهْرُبُ
عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ النَّارُ مَعَ الهَوَاءِ.
مَوْسِمُ التَّمَاثِيلِ
إلى باتريسيا ت. أبهى
من: النصر المجنح ساموثريس.
ثمَّةَ أزْمِنَةٌ يُحْظَرُ فِيهَا صَيْدُ التَّمَاثِيلِ
تَمْنَعُ الطُّلَّابَ والسُّكَارَى
مِنْ إلقاءِ الأحْجَارِ أو الزُّجَاجَاتِ
عَلَى الجَلالِ اللامُبَالِي لِلأبْطَالِ.
وَفِي أوْقَاتِ الصَّيْدِ
يُسْمَحُ حَتَّى بِقَطعِ الرُّؤُوسِ،
وَهَكَذَا فالعَدِيدُ مِنَ التَّمَاثِيلِ
تَبْقَى مُخْتَزَلَةً إلَى صَدْرٍ بِقَلَائِدَ،
وَإلَى أجْسَادِ مُحَارِبِينَ بِوُجُوهِ لاأحَدٍ.
حِينَهَا يَبْرُزُ الخُبَرَاءُ،
المُرْشِدُونَ الَّذِينَ يَشْرَحُونَ لِلمُسَافِرِينَ
المَلامِحَ الغَائِبَةَ لِهَذِهِ التَّمَاثِيلِ الكلاسِيكِيَّةِ جِدّاً.
بَعْضُ التَّمَاثِيلِ المَعْطُوبَةِ
تَضْطَجِعُ مُتَمَاثِلَةً لِلشِّفَاءِ فِي أحَدِ المُسْتَشْفَيَاتِ
لأجل عَنَاءِ البرُونْزِ، وَيَشْرَحُ المُؤَرِّخُ:
سَوْفَ يَتِمُّ وَضْعُهَا مِنْ جَدِيدٍ عَلَى قَوَاعِدِهَا
وإنْ كَانَ سَيَسْتَغْرِبُ مِنْ وُجُودِهَا فَقَط الطُّيُورُ وَالبَهَالينُ
والأعْمَى الَّذِي بَيْنَمَا هُوَ يَبِيعُ أوْرَاقَ اليَانَصِيبِ
يَحْتَمِي بِالخَارِطَةِ المُتَحَرِّكَةِ لِظِلَالِهَا.
أسئلة أمام تمثال نصفي للقس المبجل
تشارلز لوتفيدج دودسون الملقب بِلويس كارول
إلى أندريا روكا
مَاذَا يُمْكِنُ أنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ كَافِرٌ
يُحِسُّ المَلَلَ فِي العَصْرِ الفِيكْتُورِيِّ
ذِي الأبْوَابِ السِّرِّيَّةِ والمُغْلَقَةِ؟
أيُغيِّرُ اسْمَهُ،
أيَكفُّ عَنْ أنْ يُسَمَّى بِاسْمِ القُسِّ المُبَجَّلِ دُودْسُونَ
وَيُعِيدُ خَلْقَ العَالَمِ؟
أيَعِيشُ مُجْبَراً عَلَى الإقَامَةِ فِي الحُلْمِ
رَائِقَ الحَالِ أكْثَرَ فِي دُرُوعٍ مِنَ البرُونْزِ؟
مَاذَا يَسْتَطِيعُ أنْ يَفْعَلَ رَجُلٌ طيِّبٌ
تَرَبَّى عَلَى مَذْهَبِ مَحَاسِنِ الخُلُقِ
عِنْدَمَا يَسْتَمِعُ إلَى مَلِكَةِ القُلُوبِ
وَهِيَ تَصْرُخُ يَمِيناً وَشِمَالاً:
اِقْطَعُوا رَأسَهُ، اِقْطَعُوا رَأسَهُ!
وَإذَنْ، فَكُلُّ مَا لَهُ رَأسٌ
يُمْكِنُ أنْ يُقْطَعَ رَأسُهُ؟ مَاذَا يُمْكِنُ أنْ يَفْعَلَ؟
أ يَرْسُمُ بُورْتْرِيهَاتٍ لِفَتَيَاتٍ مُخْتَطَفَاتٍ مِنَ الآتِي
وَمِنْ عُزْلَةٍ لا يُمْكِنُ تَأجِيلُهَا؟
أيُّهَا القُسُّ المُبَجَّلُ دُودْسُونَ:
الحَيَاةُ، هَلْ هِيَ وَجْبَةُ وَقْتِ العَصْرِ للمَجَانِينِ؟
أهِيَ قُبَّعَةٌ تَعْتَقِدُ
أنَّ كُلَّ السَّاعَاتِ سَاعَاتٌ لِلشَّايِ؟
أ حَشْوَةٌ لِجُلَسَاءَ مُطِيعِينَ مِنَ الحَاشِيَةِ
مَطَارِقُهُمْ طُيُورُ نُحَامٍ؟
أمُحَاكَمَةٌ لِكَابُوسٍ
فِي عَرْشِ مَلِكَةِ القُلُوبِ؟
المَنْفَذُ المُعْتِمُ لِجُحْرٍ مَا؟
عُبُورٌ لأقْمَارِ الوَقْتِ،
لأرَانِبَ مُضَايَقَةٍ مَصَائِرُهَا رَهِينَةٌ
لِلسِّهَامِ المَكْسُورَةِ لِسَاعَةٍ؟
أ رِيشَةٌ فِي الهَوَاءِ
مِنْ دَسَائِسِ اللَّيْلِ والحَظِّ؟
أهُوَ التَّحْتُ-أرْضِيِّ الَّذِي يُلَوِّحُ بِشَكْلٍ لا مَحِيدَ عَنْهُ
فَوْقَ الجِلْدِ البَارِدِ لِلمَرَايَا؟
أ هُوَ خَلْقُ إلَهٍ يَعْرِفُ أنَّ القَانُونَ
هُوَ مُرَبَّى البَارِحَةِ، وَمُرَبَّى الغَدِ
لَكِنَّهُ لا يَكُونُ أبَداً مُرَبَّى اليَوْم؟
أ حَاشِيَةٌ مِنْ أوْرَاقِ اللَّعِبِ فِي مَمْلَكَةٍ بِلا جَدْوَى؟
أهُوَ تِمْثَالٌ يَخْتَفِي
فِي ضَبَابِ المَدِينَةِ
مِثْلَ قِطَّةٍ فِي الهَوَاءِ؟
أيُّهَا القُسُّ دُودْسُونَ،
ليْسَ مِنَ الضَّرُورِيِّ أنْ تُجِيبَ.
تجربة في علم القذائف
لمَّا كُنْتُ فَتىً، عَدَّاءَ مَسَافَاتٍ طَوِيلَةٍ
فِي حَلَبَاتِ سِبَاقِ الفَرَاغِ،
وَلَجْتُ العَمَلَ فِي وَرْشَةِ فَوْضَوِيٍّ.
كَانَ المُعَلِّمُ العَجُوزُ عَاقِدَ العَزْمِ عَلَى صَهْرِ كُلِّ أنْوَاعِ
التَّمَاثِيلِ
لِيُحَوِّلَهَا إلَى رَصَاصَاتٍ
سَوْفَ تَمْلأ الصَّبَاحَ بِرَائِحَةِ القَهْوَةِ الطَّرِيَّةِ،
وَرَغِيفِ الخُبْزِ بِالذَّخِيرَةِ.
كَانَ يَقُولُ إنَّ تِمْثَالَ بِيُّو الثَّانِي عَشَرَ
سَوْفَ يُمَكِّنُ مِنْ صِنَاعَةِ عَتَادٍ لإطْلَاقِ قَذَائِفَ عَلَى الفَاتِيكَانِ،
فَقَطْ لِجَعْلِ أثْوَابِ الكَهَنُوتِ تَتَطَايَرُ مِثْلَ طُيُورٍ ضَخْمَةٍ سَوْدَاءَ.
كَانَ يَحْكِي أنَّ رَامْبُو
لمَّا عَلِمَ أنهُ سَيُقامُ لَهُ تِمْثَالٌ،
قَالَ إنَّهُ سَوْفَ يَقْبَلُ لَوْ كَانُوا سَيَسْمَحُونَ لهُ
بَعْدَ نَحْتِهِ أنْ يَصْنَعَ رَصَاصَاتٍ مِنْ صُورَتِهِ المَنْحُوتَةِ مِنَ البْرُونْزِ
لِكَيْ يُحَاصِرَ الفَرَنْسِيِّينَ.
وَبِلُغَةٍ صَرِيحَةٍ، يُضِيفُ المُعَلِّمُ،
أوْرَثَنَا الشَّاعِرُ كَرَاهِيَتَهُ لِلمَجْدِ
وَأكْثَر مِنْ ذَلِكَ كَرَاهِيَتَهُ لِلوَطَنِ.
أقْنَعَنِي
بِنُبْلِ قَصْفِ البَنْتَاغُونِ
بِتِمْثَالِ لِنْكُولْنَ بَعْدَ تَحْوِيلِهِ إلَى مِدْفَعٍ
أوْ بِقَذَائِفَ مِنَ الشَّعْرِ المُجَعَّدِ لِجُورْج وَاشِنْطُونَ.
وَكَانَ يَبْتَلِعُ الرَّيْقَ
مِثْلَ الطِّفْلِ الَّذِي يَلْهُو بِلُعْبَةِ الأسْطُولِ البَحْرِيِّ الإمْبِريَالِيِّ
فِي حَوْضِ الحَمَّامِ:
“سَوْفَ نُلْغِي مَانِيكَانَاتٍ مُجَوَّفَةً
لِلتَّمَاثِيلِ مِثْلَ الرَّأسِ العَمَلِيَاتِيِّ لِلدُّوشِي،
المُخَادِعِ مِثْلَ حِصَانِ طَرْوَادَةَ”.
“تِمْثَالُ غُوتِينْبِيرْغَ كَانَ يَجِبُ أنْ يُذَوَّبَ
فِي المَطَابِعِ السِّرِّيَّةِ لِلَّيْلِ”.
“تِمْثَالُ سْتَالِينَ تَمَّ اسْتِفْرَاغُهُ بمَادَّةٍ مِثَالِيَّةٍ
لِصِنَاعَةِ المَفَاتِيحِ وَفَتَّاحَاتِ الأقْفَالِ وَتَوْزِيعِهَا
مَا بَيْنَ الشُّعَرَاءِ اللامُحَرَّرِينَ الذِينَ كانَ يَسْجُنُهُمْ فِي أقْفَاصٍ”.
سَألْتُهُ: -وَتِمْثالُ بَاكُونِيَن، أيُّهَا المُعَلِّمُ؟
-بَاكُونِينُ ليْسَ لَهُ تِمْثَالٌ: الرِّيحُ لا تُنْحَتُ.
زِيَارَةُ مَقْبَرَةٍ لِلسَّيَّارَاتِ
خَلْفَ حُقُولِ الذُّرَةِ البَيْضَاءِ وَالشَّعِيرِ
تَسْتَقْبِلُ حَدِيقَةُ الصَّدَإِ
زِيَارَةَ الأمْطَارِ.
تَقْرَعُ قَطَرَاتُ المَطَرِ الضَّخْمَةُ الهَيَاكِلَ القَدِيمَةَ لِلسَّيَّارَاتِ
الَّتِي لَهَا مَظْهَرُ جَمَالٍ مَنْسِيٍّ.
عَلَى مَشَارِفِ الخُرُوجِ مِنَ المَدِينَةِ
أوْقَفْتُ دَرَّاجَتِي فِي مَقْبَرَةِ السَّيَّارَاتِ
وَبَدَا لِي أنِّي أرَى ذَاتَ الشَّعْرِ الأحْمَرِ
بِفَخِذَيْهَا المُنْفَرِجَيْنِ لِلحُبِّ
فِي المَقْعَدِ الخَلْفِيِّ لِسْتَادْبِيكِرَ جَدِّهَا.
لا أحَدَ يَحْمِلُ زُهُوراً لِمَوْتَاهُ،
يَا مِسْتِر فُورْد وَيَا مِسْتِر بَاكَارْدَ
رَغْمَ الاسْتِغْرَابِ مِنْهُمْ أكْثَرَ مِنْ آبَائِهِمْ.
عَلَى مَدَى سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ قَدَّمُوا لِأذْرُعِهِمُ المِيكَانِيكِيَّةِ مُعَامَلَةً
أفْضَلَ مِنْ مُعَامَلتِهِمْ لِأحْشَائِهِمْ، لِمُعَشِّقَاتِ المُحَرِّكِ
أكْثَرَ مِنْ ضَجِيجِ التَّعَبِ فِي الشَّرَايِينِ،
ثَمَّةَ شَيْءٌ مَا مِنْ حَوَادِثِ غَرَقِ الزَّمَنِ
فِي جَبَّانَةِ الصَّفِيحِ المُعْوَجِّ هَذِهِ،
شَيْءٌ مِنَ التَّعْدِينِ المُتَوَقِّفِ وَالمَقْطُوعِ الأوْصَالِ.
بَعْضُ هَذِهِ البَقَايَا مِنَ النُّحَاسِ الأصْفَرِ
كَانَتْ مَقْصُورَاتٍ قَوِيَّةً لِرِجَالٍ ثَابِتِينَ
هَرَبُوا مِنْ ذَوَاتِهِمْ أثْنَاءَ مُرُورِ القِطَارِ،
عِنْدَ مَعْبَرِ أرْنَبٍ أوْ عِنْدَ مُلْتَقَى شَجَرَةٍ.
وَحَتَّى السَّيَّارَةُ الشَّبَحُ
الَّتِي فَرَّتْ بَعْدَ دَهْسِهَا لِبَائِعِ التُّفَّاحِ
فِي الطَّرِيقِ 39،
تُحِسُّ ذَاتَهَا فِي بَيْتِهَا، ثَمَّةَ شَيْءٌ مِنَ الرُّوحَانِيَاتِ
فِي هَذَا المَشْفَى لِلسَّيَّارَاتِ المَجْذُومَةِ. وَالمَطَرُ
هُوَ الوَسِيطُ الرُّوحِيُّ الَّذِي يَدْعُو أفْرَادَ طَاقَمِ
هَذِهِ السَّيَّارَاتِ المُنْطَلِقَةِ ذَاتِ العِظَامِ الأكْثَرِ مَتَانَةً،
الأقلِّ كِلْسِيَّةً مِنْ سَائِقِيهَا اللامَرْئِيِّينَ الآنَ.
كُلُّ شَيْءٍ يَقُودُ إلَى التَّفْكِيرِ
فِي حَفْرِيَاتٍ لِلفَرَاغِ.
مِنَ المُحْتَمَلِ أنْ تُوجَدَ غَداً
هَذِهِ الجَبَّانَاتُ غَارِقَةً فِي الرَّمْلِ
وَيَحْفَظَ شَخْصٌ مَا فِي حَقِيبَتِهِ
قِطْعَةً مَا مِنَ الشِّيفْرُولِي الحَمْرَاءِ
كَأثَرٍ مِنْ عَصْرٍ بِدَائِيٍّ.
يَدَا أورْلاك
(تأملاتٌ فِي كونشيرتو للبيانو)
فِيلْمٌ قَدِيمٌ مِنَ السِّينِمَا السَّوْدَاءِ يَحْكِي قِصَّةَ أورْلاكَ.
بَعْدَ إعْدَامِ، سْتِيفِنْ أورْلاكَ، رَامِي سَكَاكِينَ فِي السِّيرْكِ وَقَاتِلٌ،
تُبْتَرُ يَدَاهُ وَتُزْرَعَانِ لِعَازِفِ بيَانُو
فَقَدَ يَدَيْهِ فِي حَادِثَةِ قِطَارٍ اِنْحَرَفَ عَنْ مَسَارِهِ.
اليَدَانِ تَرْفُضَانِ الإذْعَانَ لِلجَسَدِ الجَدِيدِ،
تُقَرِّرَانِ التَّحَرُّكَ وِفْقَ إرَادَتِهِمَا وَاسْتِعَادَةَ غَرِيزَتِهِمَا الإجْرَامِيَّةِ.
بَدَلاً مِنَ الانْكِبَابِ عَلَى لَوْحَةِ مَفَاتِيحِ البيَانُو، تَبْحَثَانِ عَنْ أعْنَاقٍ لِكَبْسِهَا.
عَازِفُ البَيَانُو هَذِهِ اللَّيْلَةَ قَدْ تَلَقَّى بِدُونِ شَكٍّ عَقْدَ إعَارَةِ
يَدَيْ أورْلاكَ. اِسْتَمِعُوا كَيْفَ يُمَارِسُ القَتْلَ عَلَى مُوسِيقَى بَاخ.
جُدْرَانُ اللَّيْلِ
مُتَجَوِّلاً فِي زَوَايَا اللَّيْلِ
يَأتِي صَوْتِي فِي دَوْرِيَّةٍ
عَبْرَ وَطَنِ المَرَايَا المُعْتِمِ.
بِلادِي سِجْنٌ شَاسِعٌ،
فِي بُرْجِهِ العَالِي مِنْ ألْفِ طَائِرٍ
الإطْلالةُ عَبْرَ النَّافِذَةِ تُشْفِي سَقَمَ القَلْبِ.
بَعْدُ مَازَالَ يَنْتَشِرُ صَوْتِيَ القَدِيمُ
مِنْ عَصْرِ الأرِيجِ،
يَنْتَشِرُ جَنْبَ بَحْرٍ مِنْ مَزَارِعِ البُنِّ يَهْدِرُ،
فِي عَبِيرِ أشْجَارِ مَنَابِتِ القُرَّامِ
يَصْعَدُ حَتَّى عِنَانِ السَّمَاءِ.
صَوْتِي يُدَوِّي فِي مُرُوجِ الصَّدْرِ
لمَّا يُمَوِّهُ صَيَّادُ الأشْرَاكِ
مُخْفِياً فَمَ الخَزَّانِ
أوْ يَرْسُمُ نَفَقاً عَلَى جُدْرَانِ خَلِيَّةٍ.
مَيْتَمٌ هَائِلٌ، بِلادِي،
تَهْرُبُ مِنْ شَرَكٍ لِتَقَعَ فِي شَرَكٍ، مِنْ جِدَارٍ إلَى جِدَارٍ،
وَيَأتِي صَوْتِي فِي دَوْرِيَّةٍ
عَبْرَ وَطَنِ المَرَايَا المُعْتِمِ.
خوان مانويل روكا: شاعر وكاتب كولومبي، ولد في ميديين سنة 1946. أمضى طفولته في المكسيك وفيما بعد في باريس. وخلال الفترة ما بين 1988 و1999، عمل منسقا لمجلة الدومينيكال التي تصدر عن صحيفة: «إسبكتادور”، وهي ملحق ثقافي ساهم عمليا في تكوين وبروز أجيال من الكتاب والشعراء، حيث نشر عددا كبيرا من القصائد والمتابعات النقدية والدراسات عن الشعراء الحديثين والمعاصرين. وكان أيضا مؤسِّساً بالاشتراك مع آخرين لمجلة “كلابي دي سول” أي “مفتاح الشمس”، والصحيفة الثقافية “لا ساغرادا إسكريتورا”، أي “الكتابة المقدسة”. وبالإضافة إلى ذلك، قام منذ عام 1986 بتنظيم ورشات عشق الشعر ببوغوتا في بيت الشعر سيلفا. في عام 1993 حصل روكا على جائزة سيمون بوليفار الوطنية للصحافة، وفي عام سنة 1997 منحته جامعة إيلبايي الدكتوراه الشرفية في الآداب. وقد شارك كمحكم في العديد من الجوائز الأدبية الوطنية والدولية، كما نال عن كتابه: “الأوبئة السرية وقصص أخرى” جائزة القصة من جامعة أنتيوكيا، وفي السرد كتب روكا عملا روائيا وحيدا بعنوان “تلك العادة اللعينة للموت” نشر سنة 2003. وهو أحد الشعراء المقروئين بشكل واسع في كولومبيا، بل وفي إسبانيا وأمريكا اللاتينية… ترجمت أعماله إلى الفرنسية والسويدية والألمانية، والإنجليزية، والهولندية والإيطالية كما نشرت منتخبات من شعره بالعربية ضمن كتاب مجلة الدوحة…
في مجال الشعر نشر عدة دواوين شعرية: ذاكرة الماء) 1973)، قمر العميان (1976) نال الجائزة الوطنية الشعر جامعة أنتيوكيا، اللصوص الليليون (1977)، رسائل من الحلم (1978) – مع داريو بييغاس، علامة الغِربان (1979)، كتاب الفروسية (1979) – مع أوغوستو ريندون، كتاب الحكايات الملكي (1980)، مختارات شعرية (1983)، بلدٌ سريٌّ (1987)، مواطن الليل (1989)، قمر من العميان (1990) – مختارات شعرية، نورسٌ مع الشيطان (1990)، مونولوجاتٌ (1994)، ذاكرة اللقاءات (1995)، صيدلية الملاك (1995)، مسامرة الغائبين (1998)، مكان التجليات (2000)، الجنازات الخمس لبيسوا (2001) – مختارات شعرية، شِجارُ الحالم (2002)، مسرح الظلال مع سيزار باييخو (2002)، كمنجة لأجل شاغال (2003)، فرضية لاأحد (2005)، غناءُ النأي (2005) مختارات شعرية، الملاكُ المُحاصَرُ وقصائد أخرى (2006)، عازف البيانو بلد المياه – مع باتريثيا دوران، ثلاثية كومالا- مع أنطونيو ساموديو، عن روزنامة السيرك – مع فابيان ريندون، وصايا (2008)، الكتاب المقدس للفقراء (2009)، جواز سفر عديم الوطن (2012)، الوجوه الثلاثة للقمر (2013)
وقد حصل على العديد من الجوائز والتمييزات الفخرية من بينها: جائزة إدواردو كوت لاموس الوطنية للشعر(1975)، جائزة الشعر الوطنية بجامعة أنتيوكيا (1979)، جائزة أفضل كاتب للمتابعات النقدية عن الكتب من المكتب الكولومبي للكتاب (1992)، وجائزة سيمون بوليفار الوطنية للصحافة (1993)، جائزة جامعة أنتيوكيا الوطنية للقصة القصيرة (2000)، جائزة الوطنية للشعر عن وزارة الثقافة (2004)، جائزة دار الأمريكتين: “كاسا دي لاس أميريكاس” للشعر خوسيه ليثاما ليما 2007، بكوبا، عن ديوانه “غناء النأي”. مختارات شعرية، جائزة دار أمريكا للشعر الأمريكي 2009، بإسبانيا، عن ديوانه الشعري: “الكتاب المقدس للفقراء”… وقد نال أيضا الدكتوراه الفخرية من الجامعة الوطنية لكولومبيا سنة 2014.
خالد الريسوني: شاعر ومترجم مغربي، (الدار البيضاء، 1965) حصل على الإجازة الأدب العربي وعلى الماستر الوطني في الأدب المغربي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان سنة 1988، اشتغل أستاذا للغة العربية وثقافتها بالمعهد الإسباني سيفيرو أوشوا بطنجة. شارك سنة 1985 في المهرجان العالمي للشباب والطلبة بموسكو، كما ساهم في عدد من المهرجانات الشعرية في المغرب وخارجه المغربي. عضو اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب. يتوزع إنتاجه بين الكتابة الشعرية والدراسة الأدبية والترجمة. نشر كتاباته بعدة صحف ومجلات ومغربية وعربية وإسبانية…
مثل: المحرر، العلم، البيان، القدس العربي، كيكا، شؤون أدبية، دبي الثقافية، العربي الجديد، الثقافة الجديدة، نوافذ، البيان، نزوى، الدوحة، مشارف مقدسية …إلخ.
يعد الاشتغال على الترجمة رهانا أساسيا في مشروع خالد الريسوني، إذ من خلاله يعبر عن رغبة في تشييد جسور التواصل بين ضفاف المتوسط، وقد أنجز عددا مهماً من الترجمات الشعرية لشعراء إسبان وشعراء من أمريكا اللاتينية إلى لغة الضاد. وممّا صدر له في هذا الصدد:ـ
– الرسو على ضفة الخليج (بالاشتراك): أنطولوجية للشعر المغربي والإسباني، الجزيرة الخضراء، 2000
صدر له:
-كتاب الأسرار، ديوان شعري مزدوج، دار النشر سيال بيغماليون، الطبعة الأولى مدريد 2017، الطبعة الثانية سان سلفادور 2017.
وترجم من العربية إلى الفرنسية
– عن الملائكة، رفائيل ألبيرتي، منشورات وزارة الثقافة، الرباط 2005.
– يومية متواطئة، لويس غارثيا مونطيرو، منشورات وزارة الثقافة، الرباط 2005.
– تلفظ مجهول ويليه: ابتداع اللغز، خورخي أوروتيا، منشورات ليتوغراف طنجة 2007.
– لالوثانا الأندلسية، (رواية) فرانسيسكو ديليكادو، منشورات ليتوغراف، طنجة 2009.
– اليوم ضباب، خوسيه رامون ريبول، منشورات ليتوغراف، طنجة 2009.
– زوايا اختلاف المنظر يليه: كتاب الطير والسكون المنفلت، كلارا خانيس، 2009.
-الأعمال الشعرية المختارة، فيديريكو غارسيا لوركا، منشورات ليتوغراف، طنجة 2010.
– الكتاب خلف الكثيب، أندريس سانشيث روباينا، منشورات ليتوغراف، طنجة 2010.
– خلوات وأروقة وقصائد أخرى” للشاعر الإسباني أنطونيو ماشادو، منشورات ليتوغراف طنجة، 2011. – مائة قصيدة وشاعر، خوسيه مانويل كاباييرو بونالد، منشورات سليكي أخوين، طنجة 2012.
– وصف الأكذوبة يليه: يشتعل الخسران، أنطونيو غامونيدا، منشورات بيت الشعر في المغرب، 2012.
– حقول قشتالة” للشاعر الإسباني أنطونيو ماشادو، منشورات ليتوغراف طنجة، 2016.
– يستحق العناء لخوان خيلمان، منشورات بيت الشعر في المغرب، 2016.
– “بإيجاز” للشاعر الإسباني ليوبولدو دي لويس، 2016.
– كسيريات، يليه: ملاك الظلمة وأسرار الغاب، كلارا خانيس 2017
-“صانع والمرايا” للشاعر الكولومبي خوان مانويل روكا، كتاب الدوحة، 2019.
– أنخاب البحر واليابسة، أنطولوجيا شعراء قادش، منشورات بيت الشعر في المغرب، 2020.
وترجم من الإسبانية إلى العربية:
– مفرد بصيغة الجمع، أدونيس، دار النشر لينتيو، أورينسي (إسبانيا) 2005
– بستان العزلة، محمد الأشعري، دار النشر كوروم، قادش (إسبانيا) 2006
– بسرعة أكثر من الموت، بوزيد حرز الله،، دار الحومة، الجزائر، 2013
-أبدية صغيرة وقصائد أخرى، حسن نجمي، منشورات بيت الشعر كوستاريكا، سان خوسيه (كوستاريكا) 2019.
الجوائز الأدبية:
– جائزة رفائيل ألبيرتي، مستشارية التربية والثقافة والعلوم لسفارة إسبانيا بالمغرب، 2003.
–جائزة “ابن عربي” العالمية للآداب العربية، مدريد 2017.
–جائزة شاعر السنة بمهرجان الأمريكتين العالمي للشعر بنيويوروك 2019.