قبلَ أن تذهبَ الوردةُ الی الحرب قصيدة للشاعر قوباد جليزاده

ترجمة عن الكردية:عبدللە طاهر البرزنجي وقباد جلیزادە

قوبادي جليزاده 4

ذهبتُ الی الحربِ..
روحي ملأی بفراشاتٍ مغتالةٍ،
حقيبةُ ظهري مترعةٌ بالأراملِ،
غارقةٌ زمزمیَّتي بعيونٍ مُفقّأة.

ذهبتُ الی الحربِ؛
كان یطلقُ النارَ
مُتَّخذا من صخرةٍ متراساً.
حاصرناه..
رفعَ یدَەُ مستسلما،
لکننا افعمْنا بالرصاصِ فمَە.
حَظِيَ هذا بعلبةِ سجائره وولاّعتِە،
ذاكَ أخذَ مسبَحتَەُ و یشماغَەُ،
ونلتُ أنا
جیبَەُ الملطَّخَ بالیتامی.

ذهبتُ الی الحربِ..
في خندقٍ من خنادقِ “العدو!” جثة هامدة..
لي رمّانتَەُ،
لـ “الثورة !” کرامةُ بندقیتِەِ
زوجتُە لفلانٍ، وابنتُە….
وللکلابِ السائبةٍ ذکریاتُە.

ذهبتُ الی الحرب..
وعلی بُعدِ سبعمائە مترٍ أصَبتُ رأسا
فانفجرَتْ حناجرُ رفاقي مقهقهةً :
-“براڤو براڤو براڤو..!”

جرَّتني بندقیتي کثورٍهائجٍ
الی ساحةِ القتالِ؛
رَمیتُ یمینا ویسارا،
قتلتُ الماءَ والهواءَ والنار،
قتلتُ الجوزَ والسنجابَ،
قتلتُ المطرَ والسحابَ،
قتلتُ الصفصافَ واللبلاب،
قتلتُ الحجرَ والترابَ،
قتلتُ الأنوثةَ والرجولةَ،
قتلتُ الحَبْوَ والطفولةَ
قتلتُ الخیلَ والنخیل
قتلتُ الخریرَ والهدیل
قتلتُ الشمعةَ والقندیل
قتلتُ هابیلَ وقابیل
قتلتُ القتیلَ
قتلتُ حتی زعلَ مني عزرائيلَ
قتلتُ ثم قتلتُ
قتلتُ وما ارتویت،
قتلتُ، ولِحربِ غدٍ نوَیتُ

قبلَ أن اذهبَ الی الحربِ
کادت کتفي تحتكُّ وکتفَ فتیً
فقلتُ لە: “عفوكَ یا أخي”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
التمستْ زوجتي لیلاً أن اهجرَها
کي تصومَ في الغد..
-” تأمرینَ یا عزیزتي”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
قلتُ لراکبٍ کان جالسا بجنبي:
-“أتسمح لي أن أدخنَ سیجارةَ ضجر؟”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
وأنا أغرقُ خجلاً،
بحیاءٍ قلت لها،
وهي تسیر أمامي مسرعة:
– “سحّابُ تنورتكِ مفتوح!”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
قلتُ لبصیرٍ وهو یشرعُ بعبورِ شارعٍ
مبللٍ بضجیجِ الموت:
-“خذ یدي کي أغذّي عکازتكَ بالنور”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
قلتُ لنادلِ نادٍ:
-” هاتِ، لو سمحتَ، قارورةَ خیالٍ
وحفنةً من زیتونِ الجمال”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
قلتُ لعجوزٍ ثکلی:
-“انظَمّي الی مظلتي
لئلا تبتڵ جدائلُكِ البِیضُ برذاذِ اليأس”

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
حزنتُ لدجاجةٍ عانسٍ
نسیَتْ کیف تبیضُ
تحتَ ابطِ صاحبِها کلَّ صباح.

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
بکیتُ لنملٍ أتاهَ بیتَ الحبیبةِ
بینَ أنقاضِ البَعَرِ.

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
سمحتُ لقِطَّةٍ عطشی
أن تحفرَ في راحة یدي بلسانها المالحِ
بئراً من ماءِ زمزمَ

قبلَ أن اقصدَ الحربَ
قلتُ لفراشةٍ عروسٍ
عائدةٍ لتوِّها من الحمّام:
-“کمِ الساعةُ الانَ؟”
فاحمرَّتْ اجنحتُها خجلا وقالت:
-“لم تبقَ الا دقیقةٌ واحدةٌ حتى السلام”!!

SHARE