“زيوس يخاف الليل” قصيدة للشاعرة السورية فاتن حمودي

فاتن حمودي

“في ليالي ابن آوى البعيدة …. كنا نضيء الليل بصوت الجيتارات..,

بأغاني الغجر كنت سوسنة على حضن شاعر الجحيم…وفانجليس يغني ناره وجنته”

صار الغياب شوكا ينمو بيننا

أغمرني أيها القمر ..وخُذْ سلالَ الّشَّغفِ إلى الحكايةِ

خُذْ الرائحةَ وخُذْنِي

زيوس يخافُ الليلَ….

وجامعُ السَّحابِ يخافُ

حاملاتُ الجرارِ يُغرينَ القَمَر

يعْبُرنَ الليلَ في تلكَ القريةِ المُطلةِ على المدى

الرغباتُ تفورُ والأقمارُ تشتعلُ.. وكنتُ اعرفُك من رائحةِ جُنونِكَ

عندَ مُنْعَطَفِ المطرِ غَمَرْتَني ببرنسك القرطاجي

ابتعدنا بما يكفي.هلْ جفت الينابيعُ في ليلِ غُربَتِنا؟!

زيوس يخافُ الليلَ

يطلق الصواعقَ إلهُ الأمطار …. تطاولَ هذا الليلُ تطاولَ ولم يستطعْ..

يشعلُ البرقَ والرعدَ…” كُونِي مِنْ مَطَرٍ”: يقول

يا أمرأةَ العاصفةِ والرّيح….

ويا ليل بلادي ….يصرخُ الكونُ….يا نجماتِ الشعرِ اضئنّ عتمة الجحيم

لليل مزاج بارد في غيابك قمري

ليل بلاد وقطارات

شتاءاتُ شجرٍ وخوف

ليل المتصوفين في مقامِ ابن عربي يستنهض دين الحب

و الشام من جرار الأبدية تشربُ

تعصرُ كرومَها …..توزعُ الأقداحَ ..فيسكرُ الخلقُ

زيوس يخاف الليل

وأنا أمرأة المطر والعاصفة….

و.يا ليلَ أمهاتٍ وحيداتٍ…وصبايا الانتظار

سهرانةٌ أمي على عتباتِ الغياب..ترش قبرَها بماءِ الزَّهرِ تفتحُ عينها وتعودُ إلى نومِها العميق

سهرانةٌ أمِّي على ضوءِ عتمتِهَا … تُحيكُ شراشفَ الوجودِ …بألوانِ حديقتها وشجرِها ….وتلكَ العصافير والحمائم..وستاتي البيوت ؟

تقول الحكاية ..لاتزال شهرزاد تهمس في أذن الليل.. لاتنام.

يقف الليلُ ينصتُ لغناءٍ بعيدٍ يهتزُ الوجودُ حتى لم يبقَ ليل

أضعُ نجمةً في قنديلي وادورُ

ويا غناء …أغمرني بِعُشبِ روحِهِ

ياليل قاسيون يلتمعُ بالدمعِ حصى روحي

وهذا الأزل المُعلَّق على بابِ عُزلتي

على محطةِ الحجازِ عيناي… قطاراتٌ واقفةٌ وسككٌ باردةٌ….وليل طويل يخيم على قلب الحكاية.

اتذكُرْ يوم مشينا أنا وأنت على تلك السكة

أنت على خط وأنا على الآخر جمعتنا وردةٌ وأعشابُ الرغبةِ..

وكنتُ أشكلُ الصباحاتِ ياسمينا على جيدي…يسيل العطر فتصحو البلابل

أتذكرُ يوم كتبتَ لي ليدا..وتعالي….وتأخرت حبيبيتي ..وكرنفال الأميرة….. كُنا نَمشي على السِّكةِ نفسِها

نمضي إلى كوخٍ في نهاراتٍ البردِ ومطرِ الشَّغف

الريحُ عاتيةٌ وكنتَ تقرأ الأيامَ وتقول: الخرابُ قادمٌ من أبوابِ دمشقَ السبعةِ…

عاتيةٌ جدا هذهِ الحربُ يا أمِّي

ونحنُ نقفُ في المَهَبِ على هاويةِ أفقٍ مُسنَّنَةٍ

هل هيَ السكةُ ..أم يدي ويدك متعانقتان …وأنا أقولُ هل يلتقي الخطان المستقيمان

تقول.. يدي تشدُ يدك لنكن في الجنون

غرباءٌ بِمَا يكفي نحنُ ..وذاكَ الليلُ طويلٌ….فاقرأْ لي قصائِدَك لأنجوَ

تقول …اسمعيني “جونيمار”، فيصدح الغناءُ في ليلنا”الوالدة سامحيني يا توحشتك يا لحبيبة”

كلُّ الوجُوهِ تغيبُ في هذا الليل

وأنت ايضا تغيبُ في عالمِكَ الأفتراضي

يا ليلْ…… نجمةٌ واحدةٌ تدلني إليَّ

الريحُ من كلِّ الجهاتِ

ريحٌ …ريحٌ ..ريح

جاءَ الثلجُ والمطرُ جاءَ

عشرةُ ثلوجٍ جاءتْ

جاءتْ الفصولُ…ولم تمحُ العاصفةُ صوتَ الدَّمِ

والشامُ تُشْعِلُ قنادِيلَها كلَّها

لا تحبُّ العتمةَ …

لاتُحِبُ ليلَ الوحدةِ

وأنتَ لا تَأْتِي

تتلمسُ الحُلمَ على ضوءٍ خافتٍ… تقرأُ العُمْرَ ..

حقائب شاحبةٌ وبيوتٌ يرنُّ الفراغ فيها

أُحَرِّكُ الذاكرةَ أوقظُ عصافيرَكَ.. صمتَك …عبثَ أنامِلِكَ على خصري

أقرأُ لكَ العُمرَ

الزمنُ يركضُ ..كيفَ مَرّتْ سنواتُ العِشْقِ

زيوس لا يحب الليل

هل أنا موجودةٌ أم لا.. هل أنا كلّ ما أقرأ….ما أعشق….هل أنا حاراتُ دمشقَ…أم أنا نجمةٌ تضيءُ وتضيءُ كلّما لفظتَ أسمي أو قلتَ لي أُحبُكِ ….فيصير الليل أجمل انظر بعين الليل…و اقول للنجمة اتسمعين قلبي

البابُ موصدٌ..

لا أحدٌ يَطرقُه…العماءُ شاسعٌ

أقرأُ الشِّعرَ

أغمُرك حبيبي …على موسيقى فرجارد…كمنجات الحزن…

تشققَ الليلُ

الليلُ حَجَرٌ ضجيجُ تماثيلٍ ترقصُ على الشُّموعِ وموسيقى الجاز

إمرأةٌ في الخمسين تتكيءُ على ظلِّها

المطرُ غزيرٌ

والحوذي يغني هي يامال

أي نشيج يغطي السماء

زيوس يخاف الليل

ألتفُّ على نفسي….أنقرُ بكعبي على الأرض…أشعلُ الأضواءَ الموسيقى …أطلقُ جنونَ أفراسي كلّها …….

طاب مساؤك أيها الماتادور…هل أنت بخير؟…اسمعُ شهيقَ حبيبتِك على شرفةِ الليل تلوّح بشال دمعها تصرخ تأخرَ الليل” مانوليتي”

أتكوّم على حزني يا ليل يا عين…. إمسحْ دمعَ وجعي

أضعُ رأسي على ركبتيك

الليلُ ينحني على ليلي

أنقرُ على الطاولة …يا للغناء يأخذني إليك

نحن معا في عالم أفتراضي شاسعٍ

في ليلٍ واسع ينهمر

يا لسَمَاءِ غُرفتي

زيوس يخاف الليل

في الرابعةِ صباحا وحيدا يمضي..

يقتفي رائحةَ الحُبِ

أسمعُ الغناءَ هُنااااك هُنا ….لو نكتبُ القصيدةَ معا.

أنا لا أخافُ الليل

 

شاعرة واعلامية سورية، أبوظبي

[email protected]

SHARE