
الباب
الباب كيف أتيته، أنثى.
قطيفة ووسادة حرير،
تسحب الدنيا إليها من عين زرزور،
ثمّ تلقي بها إلى أسرّة الغواية.
باب تناوشها الريح،
تحبو إليها ظلال الأشجار.
غبطتها في قلب قفل
وإلى ساحتها يحضر الغناء والمغنون.
الباخرة
مقصّ الماء وحاجبٌ وفيّ.
الباذنجان
رقائق ذرة على موائد العاشقين.
مقطوعات جاز فوق كثيب رمل.
أمام حقله:
يقف المطر،
يقف الليلُ،
يقفُ الدرّاجون السكارى.
البازي
عزّ وجاه وسيوف تقطر بالدماء.
بحسب تفرّق ريشه، تتشثت الكتائب المهزومة في القفار.
البازي ذِكرٌ بلا سماء وزعامة بلا تاج وبلا صولجان.
الباطية
أرضُ رملٍ وحجر.
فيها يتعتّق النبيذ.
منها يفوح كلام السكارى.
سُيور جلودِ ظباء تزيّن أعناقها.
خطواتها برقٌ يلمع في درب التبّانة.
الجدران حين تميل، يأخذها السبات العظبم.
الباقلاء
كلّما بلّلها ندى الفجر، أصاب القوم قَرحٌ وتكسرّت سهامهم.
يصفّفها البائعون على الأزقة مثل زلّيج أندلسي.
تُسرَقُ مرّة واحدة في العام، وسارقها شاعر كذّاب.
البالوعة
خادمةٌ سفيهة، امرأة زانية.
سجّانون يتقاتلون على عُرف ديك.
أمواج تتلاطم وشهود موتى.
ببّغاء
بائعُ لحمٍ وبائعُ أسلحة.
رجل تُفرش أمام بيته السُجُد والطنافس.
امرأةٌ خوخُها من نهر الكوثر، وقبقابها من عقيق أحمر.
البحر
لم تمّح بعد من أسماع الشطّ وقعُ أقدام الجنود الغزاة.
لم تتقلّب الأمواج إلا على أجساد الهاربين من قرى الغبار والجوع.
لم تنحني جباههم آن رست قوارب المطّاط وامتلأت المخيمات بالخائفين.
كيف إذن أقرأ البحر وأقرأ الرمل؟
مَنْ وشَمَ البحرَ بمدية الريح،
وَشمَ أرواحَهم واحداً واحداً.
القنافذ لا تأتي إلى البحر ولا لصوص الأغنام.
سأعبر يومي أراقب البحر.
ستعبر بومة الحقول الشهباء يومها تراقب قافلة قادمة من أغاديس.
البحر مدينة بلا سور.
البحر سجن بلا سجّان.
البحر رمل كلّه عيون.
البحر سوطه في يد سلطان عظيم.
البحيرة
قافلةٌ ولا دليل.
طريقٌ ولا وصول.
البُخار
جناحُ ديكٍ وخبيزُ أرملةٍ فسد.
أوّله في قفل السوق وآخره في يد منجل الحصّاد.
الزنجبيل وديعته الأبدية.
البَخور
طمأنينة رحىً ضاع نصفُ عمرها.
طمأنينة أشجارِ لبان وأشجار عرعر ضاع نصف عمرها.
طمأنينة حمامة تلوح من جنوب اليد إلى قمر مدوّر بهيّ.
البذرة
حاملة أسرار الكون.
تطرح سترتها فتنهض الأرض على سوقها.
مجسّاتها أبداً تبحث عن ماء وخيلها أبداً تركض في بيداء شاسعة.
كلّما وضعت يدها على شيء طلعت في الأرجاء ألوان شتّى تبهر الأنظار.
وحدها تعلم كيف تشدّ الوقت إليها، فلا بطء ولا عجلة.
البربخ
فاصلة على هيئة زورق يغرق .
ساقيته تكتظ بالشهوات، كل لياليها رهز ورعشات.
بابه لا يسلك منه خيط ولا تخترقه الأسماع.
آدم أحد أسمائه.
حوض اللذة أبداً يفور قدّامه وخلفه.
البربط
لهوٌ وأباطيل.
أوتاره أكمامُ حكايات ليل.
أنغامه شِباك تُرمى في بحر.
كيف رأيته رأيتَ نفسك.
البرد
كُنْ بين شمس وظلّ، تنجو.
هو للعشبة مثل صفار البيض للجائع الأعمى.
يربكك ويخلعك مثلما يخلع الفلفل قرونه.
الدفء يطلبه وهو لا يطلب شيئا.
البرق
غائب يأتي وتأتي معه رائحة تين.
أحوال تتبدلّ وأشجارٌ تنصت لإيقاع جينوم عظيم.
أرزاق معلّقة بخيط فضّة.
دبيب يتزاحم على حبّة تمر.
البرق للزهرة بوق الأبدية.
للخنفساء المتعجّلة مغناطيس الرغبة.
لفتات الكلام نقرة هدهد على رِجل سرير الملكة.
البرق نفير وقيامة.
البرق لبن رائب وعسل مسكوب في قلّة الزمان.
البرق سيف يلمع وبارود في مطرقة حدّاد.
البرقوق
قيلولة طائرٍ في حديقة.
كراتٌ حمراء وكرات صفراء خلف نافذة ظليلة.
البرمة
مستودع أسرار.
أمٌّ في حقيبتها خيط وإبرة.
سيّان لها الحضور والغياب.
يدها راية قوم فرحانين.
ماء بين غمّازتين.
البزاز
حجر كبير ينزل من الجبل بالمعاصي.
البزر
حاشية سلطان تنزل الدرج في صباح مطمئن.
شجرة سرول عالية وراء حجرة القاضي.
سهر وسُكر ولغط، لا حدّ له.
البساط
ساحة بلدة وسحب بيضاء تعبر متمهّلة.
البستان
خدّ أحمر، سوبرانو وقبّة مذهّبة عالية.
الطيور تحلّق في العيون الولهانة.
موائد بلا سور،
ضحكات بلا سور،
شهوات بلا سور.
البستاني
أقنعة تحتها أقنعة.
أكمامٌ
في طيّاتها أكمام
في طياتها روح خفّاقة قلقة.
البسر
مجاديف تشقّ الماء.
أنوف طويلة تحطّ عليها الفواحش.
البسملة
كفّ ممدودة على سطح ماء.
جناحُ طائرٍ يعلو سارية عَلم.
بيتٌ يفوح بالحبق والنعناع.
أوّلها همهمة وآخرها بستان غناء لا يتوقّف.
البصل
نافورةُ وجدٍ في ساحة رهبان.
نافورة تملؤها قبلات الليل.
البطم
سفرٌ ووحشة.
شمس تسرق الظّلال من ساحة السوق.
دندنات تتبع الناس في الأزقّة والسهول.
رائحة جدائلُ سيّدةٍ تمشي على عجل.
فتنة يأخذها العشّاق في قراطيس.
البطن
نار تخرج من السرّة.
فتية يأكلون الحلوى.
شقفة سماء زرقاء فوق جسر أقدامُه في الماء.
نوأفذ مقوّسة مقفلة.
نوافذ مقوّسة مفتوحة.
سلطان بلا هيبة.
سلطان مخمور يتحدّث مع مرآة.
سلطانٌ خاتمُ مُلكه في خصيتيه.
البطيخ
الأخضر بلدةٌ صالحة.
إوزّ يسبح في نهر هادر.
مآذن وصوامع عالية.
رجال يطحنون قمحاً وذرة.
البعد
ظلم وحزن.
البعر
مال الحالمين الكسالى.
لا يجبر خاطراً ولا يكسو عريان.
البقر
سقيفة في حقل شعير.
حليب يسيل بين أصابع داعر خؤون.
لمعة ضوء على ماء.
رداء ضيق يتسع لحكاية ليل.
قباب وأعمدة رخام تجرح سماء أغسطس.
سُترٌ ملوّنة على الجدران.
موتى يهربون في زورق.
يدٌ في الهواء تسرق الوجوه والأبنية.
نسيان فات ونسيان آت.
البقل
جنود ذاهبون إلى الحرب.
قناديل مطفأة.
صخور مبلولة ورجال واقفون ينظرون.
البكاء
أسدٌ مجنّح فوق بوّابة قصفتها المدافع.
ما الذي رآه حين كان واقفاً في مرفأ المدينة؟
لم يرَ غزلاناً مثلما قال الرواة،
بل قوارب على ظهرها جنود عابسون.
وكانت امرأة القتيل تلوّح بشراع ممزق.
البكاء، أسدٌ مجنّح قتله القهر.
البكرة
الحضور خيط مربوط في بكرة.
البكرة كلام منثور على أرضية الشرفات.
منثور على سلالم السفن في المرافىء.
بكرة نهارٍ وبكرة ليلٍ.
لكلّ شيء بكرته، اخترْ بئركَ واختر البكرة.
البلاط
ما يتقشّر على الجدار، ليس الطلاء
بل الذكريات حين تُحني ظهرها الأثقالُ.
البلبل
شجرة في أعلى التلّ، ماذا تقول؟!
شجرة في أسفل التل، ماذا تقول؟!
الأغنية واحدة في قلب البلبل.
البلور
غبطة النهر بنساء يغسلن الملابس والأسرار.
غبطته الكبيرة بإيماءة الزهرة المتكئة على حجر.
هكذا تأتي الطمأنينة إلى قلب النهر العاشق.
هكذا يكون النهار أطول قليلاً.
بنات نعش
الأعشاب تخفّف لهفة الأغصان العالية للتراب.
تأخذ العجوز كل ما تبقّى من بتلات الزهرات على الطريق.
يخفق فؤادها قلقاً.
من هنا تبدأ القبلة الخالدة.
في الأعالي، سبع قبّعات في السماء وقمر ضحاك.
البناء
شاعرٌ يعمّر طويلاً.
شاعرٌ يجعل قصائده قصيرة الأطراف، مشذّبة الحواف.
يجبرها أن تستلقي، أن تكون غامضة مثل برعم خرج توّاً.
غيومٌ تنشر العتمة.
جدران جراحها تنزف وأسلاك شائكة تبعد الشمس.
البندق
هل رأيت كيف تدور الموسيقى؟
بكارة لم تُفضّ.
جدول ماء يقفز بين الظلال.
روح ثقيلة، زكائب عفن وطين مبلول شره.
البنفسج
وقته قصير وخياناته تلوح أعلامها من بعيد.
بهار
عيدان سرور فوق سرير العروس.
عيدان غابة بأسرها في ثنية فستان.
عيدان محبّة بيتها الظلال.
عيدان تجرف القارات والبشر.
البواب
غبارٌ لا يهدأ في حقل شعير.
ياقة قميص معلّقة على جدار مهجور.
شمس تدخل بهو الغناء على مهل.
البؤس
كلّه غياب.
كلّه رحيل ولا وصول.
حلقات غير متصلة.
شجر بلا ثمار.
هنا يقف الظلّ وهنا يقف الحجر.
جنون يأخذ من بعضه إلى بعضه.
البوم
عربة يمشي خلفها فلاحون جوعى.
حجر تُرمي به النسور من علٍ.
أفئدة عبّاد في شكّ عظيم.
لا تهفو إلى بناء مهجور، بل إلى عزلة وسكينة.
ويحها صيّادة على حافّة جرف.
أبيض
بيته في السموات العلا ونافذته على بستان.
أوّله سلام وآخره صمت لا تقلقه قطرات المطر.
البيت
نافذة في العتمة ونافذة في النور.
هو أين تجمع الجذور الماء.
هو أين يرقص القلب لأغنية الأرض.
هو كمأة خلاء وعين على رأس دبّوس.
أسلافه صخر فوق قمة جبل.
أسلافه حجر على قبر.
البيت ذاك الذي تسير إليه الأقدام.
البيت ذاك الذي تعرفه الأفئدة والقلوب.
هو وجدان الوجدان وأنفاس الأعشاب البرية.
البيض
قنديل يرافق الميت إلى العالم السفلي.
يحمله الملك على يده اليسرى.
تتقشّر قشرته مثلما تتقشّر الأرض في الزلزلة العظيمة.
وردته في عنقه.
خاتم النبوة على كتفه.
الأرض بيضة الإله الكبيرة.
شاعر ومترجم ليبي،