
ذكرى أغنية قديمة وحزينة
بالمناجل وسكاكين المطابخ والفؤوس ذوات المقابض الصدئة ، حصدوا ما تبقى لنا من الأرْجُل.
الأب أمام النافذة التي تطل على مزرعة منسية ، يغني أغنية قديمة وحزينة .
(في المستقبل سنربي في أحواضٍ عملاقةٍ سمكاً ولقالق وخرافاً وخنازير )
الى آخر الأغنية التي يحفظها كل الآباء .
فترد عليه الأم وهي تغسل قدورها في المطبخ .
( ترا ري رو ترا ري رو…
.. ترا ري رو ترا ري رو )
الى آخر اللحن الذي تعزفه كل الامّهات وهنّ يهزّزنّ مؤخراتهنّ كمن يصعدن السلم .
ولكنهما ـ الأب والأمّ ـ لا يعرفان أن الأعداء بالمناجل وسكاكين المطابخ والفؤوس ذوات الرؤوس الصدئة ، حصدوا ما تبقى لنا من الأرجل ، وسنحتاج الى قرون كثيرة حتى نصل الى البيت لنسمع الأغنية .
الحياة وثقلها
بعد الطوفان
بعده بسنوات وقرون
أحياناً تحت السرير
وأحياناً خلف الباب
أجلسُ كمن يقفز
يداي مفرودتان على سعتهما
وعيناي تقدحان شرراً
وما تبقى من أسناني ترتجف .
أجلس متحفزاً مثل جدنا القرد
لمجابهة الحياة وثقلها .
أنا قبل 600 سنة
هذا أنا قبل 600 سنة ،
شعري أشعث وملامحي مطمورة في جرة .
كنت يومها أسيراً لدى هولاكو
حياتي توجعني كما هي الآن
وكما في الماضي
أنا الآن
أشعر بالإعياء بسبب هجرات كثيرة
هجرات لا تعد ولا تحصى .
اقول لهم : جئت من مسافة خليتين ، جئت لأبحث عني في هذه الغرفة
امامي جريدة قديمة فيها صورة طفل ميت في ساحة عامة
ربما مجرد غريق لم تسعفه سفينة نوح
ربما قتل بطعنة رمح من حروب صليبية قديمة
ربما مجرد ظلّ طفل يلعب في مقبرة جماعية بعد 1991 جنوب بغداد ، ولكن ما هو مؤكد هو ان هذا الطفل أنا
أنا الذي جئت لأبحث عني في هذا الغرفة التي تقع في نهاية العالم .
رسالة الى صديق
يصوب مسدساً إلى رأسي
واصوب مسدساً إلى راسه
ننتظر سنوات طويلة
من دون أن نطلق النار
المكان فيه الكثير من الجواسيس والتماثيل والمشاعل
نمشي من دون نلتفت لهم
نحترم هذه الطقوس
المسدس في راسي
المسدس في رأسه
من دون ان نطلق النار
…
المخلص
سليمان جوني
شاعر عراقي مقيم في الدنمارك
[email protected]