
معزوفة للبحر
ينبغي أن أتركَ كلَّ ما أملكه
لكَ أيها البحر.
لكَ مواسمي العابرة
ولكَ الأغصانُ التي تتفتحُ زهراً.
ينبغي أن أعيشَ فيك
أيها البحر
متمرداً وحراً،
وينبغي أن أموت فيكَ أيضاً
وأنا أنظرُ إلى الغيمِ.
خلاصة
حينَ أموتُ يا أمّاه
سوف تبقى لديك تلك الرطوبةُ فقط
فالقصّابُ سوف يأخذ سترتي
والبقّالُ سوف يأخذ معطفي
تعويضاً عن الديون.
ولكن
ماذا سيحدثُ بعدي
لقصص حبي وقصائدي،
وأنتِ كذلك
كيفَ ستواجهينَ يومكِ وحيدةً
كيفَ ستنظرينَ في وجوه الناس.
الخلاصةُ يا أمّاه
لا ثروةَ لي في العنابرِ
ولا زوجة لي في الدارِ.
ولدتِني عارياً
و سوفَ عارياً أرحل.
اعتراف
أنا الرجل الذي يبكي
لأنه لا يجيدُ الضحك
ويضحكُ،
لأنه لا يجيدُ البكاء.
أنا عابرٌ في هذا العالم
بعدَ منصور الحلاج
سوف يسبحُ دبغي هناكَ
في “ زونغولداك “
فيما سيجرُّ الطمي عيني.
أنا رجلٌ عابرٌ
في هذا العالم
لا بيتٌ ولا عائلة
لا زوجةٌ ولا أطفال
كلُّ ما أملكه : يداي، قدماي، وعيناي.
وفي بئرٍ يابسةٍ تماماً
أفتقدُ يوسفَ.
زونغولداك : مدينة تركية
السعادة
لستُ مؤذياً
فأنا كالنحلةِ في خليتها
وكالطائرِ في عشه.
منصرفٌ أنا إلى شؤوني
وأعيشُ تحت قبعتي.
ابتسامتي التي لا مبرر لها
تجوبُ الطرقات
لفرطِ سعادتي.
وهذا الجنونُ الممتد إلى أقصى جنونه
يتأتى من داخلي.
لستُ أبكماً لأخرسَ
مثل الموتى
في هذا العالم الجميل.
نوستالجيا
ينبغي أن تعلمي
أيا مدينتي العزيزة
أني عشتُ بدون أحلام.
كنتُ أعزفُ الهارمونيكا في الشارع
ساعةَ نوم العمال.
أنت لي
أيا مدينتي العزيزة
مثلما يداي وعيناي لي.
ويا مدينتي العزيزة
كل شيء جاهزٌ الآن
لكي أغادركِ
فالسفينةُ جاهزةٌ
والأشرعةُ مفتوحةٌ لللإبحارِ
ولكن لماذا
لا يُفلتُ الموتى ياقتي ؟!.
رشدي أونور : شاعر تركي ( 1920 – 1942 ) عمل مدرساً، ثم موظفاً في أحد مصانع الفحم شرق تركيا، وقد نشر قصائده في عدة صحف ومجلات تركية خلال حياته القصيرة، لكن قصائده جمعت لاحقاً وقد صدر أول كتاب يتضمن قصائده في 1956، لكن اسمه وقصائده ظلت تتكرر في غالبية أنطولوجيات الشعر التركي.
مصطفى إسماعيل مترجم كردي سوري، مقيم في الدانمرك منذ 2004, عضو اتحاد الصحفيين الدانمركي، يكتب بين الفترة والأخرى في صحيفة إنفورماسيون الدانمركية مقالات رأي ومقالات في الأدب ، نشر مجموعة شعرية بالعربية “بحيرة الغبار” – دمشق 2006.