“النهر المُحنَّط” قصيدة للشاعر العراقي عدنان عادل

ph-Adnan Adil
عدنان عادل Adnan Adil

مُحنّط بالجثث
وجداول من النار تسيجه…

كان نهرا
تتمرأى على صفحته
عيون الحسناوات من كوات
القلعة

هذا ما لا أراه

فوقه
جسر يكركر تحت صرخات الباعة المتجولين:
زرازير في أقفاص
أطفال فاقدو الصلاحية
أناس second hand
جُمل دبقة
تنقذف من أفواه مزبّدة وبلا حذر تلتصق بالأجساد
المتعرّقة من الحذر
الأمنيات أسراب سوداء
تُكحّل السماء

مطر أسود
نظرات سوداء كالمطر
ابتسامات مُهددة بالزوال كقبر قديم

هذا ما أراه

كما أسمع
عيدا مخبولا
يطرق باب مدينة تسكنها
الأضحية والقرابين…
السكين بقبضة السماء هلال يلمع
من حوله ترتجف الرؤوس المُلمعة كأحجار الدامه بيد عجائز الظهيرة
كان مريخ يبتعد، يبتعد بشكل مخيف
تاركا الحياة تحتفل وحيدة بقرقوزاتها

ممتلىء بالظهيرة
مأخوذا بالعيون والأجساد البراقة على صفحة
النهر المحروق
أنا الآخر
مسكونا بالابتعاد، تحت الجسر
أرى
معطوبا يستمني بأربعة أذرع على مؤخرة ضخمة
كغيمة شقها البرق
برزت من فتحة في الجسر
أحدثها انفجار جثة زاحفة من عصور ولّت

يدمدم تاجر ممسّدا كرشه:
إنها مؤخرة الرأسمالية
شخصيات من شحم بأربطة ثقافية وجيوب منتفخة باللحم،
في حلقة دائرية:
إنها مؤخرة العولمة
رجل الدين تلامس سبحته أقدام أطفال عراة:
إنها مؤخرة الله الطافحة من عليائه، تتشمس
جنرالات في المقاهي المتخمّرة:
إنها مؤخرة الحرب
عجوز تنبه رفيقتها:
إنها مؤخرة آخر الزمان
وترد الأخرى متفقة:
إنها مؤخرة القيامة
ومن كان يردد بقناعة تامة:
إنها مؤخرة الأديان والمذاهب والقوميات

تحت الجسر
كان المعطوب
مغّمض العينين يتكاثر في العالم الواحد

هذا ما أراه وما لا أراه، حيث لا شيء يصلح
للرؤية
عدا
كبرياء خرابة مازالت تحتفظ بخضرة في دموع خرابها
ونكهة الصباح في عينيّ ” سَيّد ” الجايجي

أيلول 2015

 

عدنان عادل: شاعر عراقي من مواليد كركوك – العراق، مقيم في بلجيكا
[email protected]

SHARE