
منحت جائزة سيف غباش بانيبال لترجمة الأدب العربي الى الانكليزية للعام 2018 إلى المترجم الأميركي لوك لوفغرين عن ترجمته لرواية “حدائق الرئيس” للكاتب العراقي محسن الرملي، التي صدرت عن دار مكلهوز البريطانية. Maclehose Press وقد اختارت لجنة التحكيم هذه الترجمة من بين ترجمات لأربع روايات دخلت القائمة القصيرة التي أعلن عنها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقد تشكلت لجنة التحكيم من أربعة أعضاء هم: الناشر بيتر آيرتون (رئيس اللجنة) وعضوية المحررة والمترجمة جورجيا دي شامبيريه، والكاتبة والاكاديمية فادية الفقير والباحثة والمترجمة صوفيا فاسالو. وسوف تمنح الجائزة، وقيمتها 3 آلاف جنيه استرليني الى المترجم لوك ليفغرين، في الحفل الرسمي الذي تقيمه جمعية المؤلفين في بريطانيا يوم 13 فبراير (شباط) 2019 في المكتبة البريطانية في لندن.
وجاء في تقرير لجنة التحكيم ما يلي:
“في هذه الرواية الرائعة، يمتزج الشخصي والسياسي والخيالي، حيث يرصد الكاتب تاريخ العراق المعاصر ويسجل كل ّالتعقيدات، والرعب، والعبثية التي تكتنفه. وتتميّز ترجمة لوك ليفغرين بالدقة، وتعكس التغيّرات التي شهدها ذلك البلد. ومن حظ الكاتب أنه عثر على مترجم تعاطف تماماً مع روايته. ومع أن ليفغرين واجه صعوبات كثيرة أثناء الترجمة، لكنه أصدر عملاً مطابقاً للنص العربي، وفي الوقت نفسه، عملاً فنياً رائعاً باللغة الإنكليزية.
“وفي إشارة واضحة إلى ماكوندو في رواية غابريل غارسيا ماركيز التي هُدمت من أجل مزارع الموز، بدأ محسن الرملي روايته باكتشاف تسعة صناديق موز، يوجد في كلّ منها رأس مقطوع مشوّه في إحدى القرى العراقية التي لا يوجد فيها موز – ويعود أحد تلك الرؤوس إلى إبراهيم “المنكود الحظّ” الذي أصبح عقيماً نتيجة إصابته بغازات سامة خلال الحرب الإيرانية، وبُترت قدمه أثناء غزو الكويت، ثمّ، وجد أخيراً وظيفة للعمل في حدائق قصر الرئيس.
“عندما عُيّن إبراهيم في وظيفته الجديدة “ليعتني بهذه الورود”، أُخذ بجمال الحديقة من السطح – أما الجرائم فكانت تقبع تحتها. ويطرأ تغيير دائم على عمل إبراهيم ومسؤولياته خلال انحداره إلى الجحيم، حتى أصبح حفّار قبور. وعلى الرغم من خوف إبراهيم وإيمانه بالقضاء والقدر، فقد كرّم الموتى الذين يدفنهم، وكان يسجّل تاريخ وساعة قتلهم، ويثبّت هويتهم ويوثّقها من خلال جمع شذرات من الأدلة كالجلد والأسنان والأظافر وما إلى هنالك.
“لقد أعطى العمل الذي أنجزه إبراهيم تاريخاً لآلاف العراقيين الذين اختفوا. وتتمثل النقطة الهامة التي أثارها الكاتب في أنه باستطاعة عامة الناس أن يحدثوا تأثيراً – إذ إن منحه هوية محددة للجثث التي لا تحمل أسماء يعني أن النسيان لا يمكن أن يطوي هؤلاء.
إن رواية “حدائق الرئيس” تمزج بين اللطافة والسلاسة والتسلية والمأساوية والحكمة والشاعرية، وهي مشبّعة بغنى منطقة لم تنعم إلاّ بفترات قليلة من السلام في القرن الماضي وتعقيداتها. وتنقل ترجمة لوك ليفغرين الروح الأصلية للرواية وخصائصها بأسلوب جميل. إنها ترجمة سلسة لعمل روائي مميّز. ويجب تهنئة كلّ من المؤلف والمترجم على العمل الذي أنجزه كلّ منهما.
وقد عبّر المترجم لوك ليفغرين عن فوزه بالجائزة قائلا:
“منذ أن عرفت أن ترجمتي قد وصلت إلى القائمة القصيرة، غمرني شعور لا يوصف بالسعادة لهذا التقدير، شعور يمتزج فيه الشعور بالامتنان والتواضع والفخر والإلهام. وأودّ أن أعبّر عن امتناني الشديد للكاتب محسن الرملي الذي منحني الثقة لترجمة هذه الرواية. ولا أريد أن أغفل ذكر الأكاديمي الأردني خالد المصري، صديقي الطيب، وأستاذي في اللغة العربية الذي ساعدني في البداية في ترجمتها. وأدين أيضاً بالامتنان ليوسف حنّا، الصديق العراقي الذي قرأ معي أجزاء من رواية “حدائق الرئيس”، وأجابني على جميع الأسئلة اللغوية والثقافية التي كنت أطرحها، والذي كان من الممكن أن يكون شخصية مرموقة في عالم الأدب لو لم يكن ملتزماً بمهنة الطبّ التي يمارسها. وأخيراً، أوجّه شكري لكل من المحرر بول إنغلز والناشر كريستوفر ماكلهوز، لإيمانهما بهذا الكتاب وقيامهما بنشر الترجمة”.
وعلق ناشر الرواية كريستوفر ماكلهوز قائلا: “إنه خبر رائع، يجعل الناشر يشعر بفخر كبير للتقدير الذي منحته لجنة التحكيم لقدرة المترجم وعبقريته”.
عن المترجم:
يعمل لوك ليفغرين مساعدا لعميد كلية هارفرد، ويدرّس اللغة العربية في جامعة هارفرد وحاصل على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن عام 2012 وترجم العديد من الأعمال العربية إلى الإنكليزية، منها رواية “يا سلام” لنجوى بركات وراوية “تمر الاصابع” لـ”محسن الرملي”، وهي أولى روايات الرملي المترجمة إلى الانكليزية، الى جانب ترجمته لرواية “ساعة بغداد” لـلكاتبة العراقية شهد الراوي، التي حصلت على جائزة أول كتاب من معرض أدنبره العالمي للكتاب.
عن المؤلف:

ولد محسن الرملي عام 1967 في شمال العراق، ويقيم في مدريد بإسبانيا منذ عام 1995، ونُشر له 11 عملا أدبيا، قصص قصيرة وروايات ومقالات وأشعار، وترجم بعض الأعمال الأدبية الكلاسيكية الإسبانية إلى العربية، مثل “دون كيخوته”، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة والأدب الإسباني من جامعة مدريد المستقلة عام 2000، ويدرّس حاليا في جامعة سانت لويس بمدريد.
عن الجائزة
تمنح “جائزة سيف غباش بانيبال لترجمة الأدب العربي” السنوية البالغة قيمتها ثلاثة آلاف جنيه إسترليني إلى المترجم الذي يقوم بترجمة عمل أدبي عربي إبداعي كامل إلى اللغة الإنكليزية يتمتع بأهمية أدبية. ويقوم السيد عمر سيف غباش برعاية الجائزة ودعمها احياء لذكرى والده الراحل سيف غباش من خلال اطلاق اسمه على الجائزة. وكان الراحل سيف غباش، من الشخصيات الدبلوماسية والفكرية الهامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن عشاق الأدب العربي والآداب العالمية.
وتشرف جمعية المؤلفين في المملكة المتحدة على ادارة جائزة سيف غباش- بانيبال، مع عدد من الجوائز المعروفة في المملكة المتحدة للترجمات الأدبية، مثل “جائزة سكوت مونكريف” من الفرنسية، “جائزة شيغيل – تيك” من الالمانية، “جائزة بريميو فاله اينثيلان” من الاسبانية، و”جائزة جون فلوريو” من الايطالية، وجائزة فوندل من الهولندية.