كان يسير ويحمل سجادته اينما يذهب ويحيط خصره بحزام عريض تتدلى منه ضفيرة شقراء تزينها شرائط ملونه .
نسجت السجادة من جلود ضحاياه فامتزج الابيض بالاسمر وطرزتها الحلمات بنسق عشوائي فكن كالكواكب المعتمه وغرز عيونهن على اطرافها لتصبح نجوما مضيئة في الكون الفسيح.
كانت نهايات السجادة من بقايا ظفائرهن فامتزج الشعر الاشقر بالاسود بالاحمر والناعم بالمجعد.
تئن كلما سجد عليها وتذرف الدمع كلما توسدها وتتأوه كلما سحبها من ضفيرتها.
يلعق اصابعه.. رطبه.. مالحه.. من قطرات دموعهن .. يغرس يده بين خيوط السجادة فتعلق بها بقايا من لحومهن.
لاترى فوقها سوى العمامه كالقمر في ليلها البهيم.. تغمض عينيها فتجد قمرها قد ابتلعه البحر.. فاغرا فمه اشتهاءا ورغبة… لم يبق من جسدها النحيل سوى رأسها.. كابوسها عمامة بيضاء .. سوداء حمراء وخضراء وكل الالوان تحاصرها حتى تكاد أن تدفنها .. تصحو برعب لتجده يحدق بها.
-كم أحسد النوم وهو يطويك تحت جناحيه وانا البعيد لا استطيع ان اضمك بين ذراعي!
متى يأتي الصباح.. تغمض عينيها وتحسب بقي خمس ساعات .. اربع .. وتشرق الشمس
متى ياتي صباح روحي!
يمرر يده بهدوء وبطء على جسدها وكل جزء يمر عليه .. يموت .. يتحجر.. حتى انتهى منها فاصبحت كالمومياء تشخص عيناها في السماء تبحث عن البراق عله يراها!
بقي قلبها ينبض كخلية من الياقوت يضج بالحياة وتتقافز الياقوتات الما وانتظارا
وبكل قوة وبكل يأس تتحرر الضفيرة من حزامه وتدب فيها الحياة تزحف لتلتف حول عنقه
وتضغط وتضغط حتى سقط جثة هامدة.
بغداد 1986
ملاحظة: تم حجب هذه القصة ومنعها من النشر في مجموعتي القصصية الأولى (الهاوية)
والتي صدرت في بغداد عن دار عشتار للطباعة والنشر في عام 1987 في بغداد
كاتبة عراقية مقيمة في نيوزيلندا
[email protected]